المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

320

بالإتيان بمتعلّق التكليف، وفي مورد يفترض عدم ملازمته إيّاه يكفينا الإتيان بمتعلّق التكليف المنجّز، ولا حاجة لنا إلى إحراز سقوط التكليف، والمفروض في المقام: أنّ العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو الأكثر ليس منجّزاً؛ لانحلاله بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ، إمّا ضمناً أو استقلالاً، فالشيء المنجّز إنّما هو الأقلّ الذي قد تنجّز بالعلم التفصيلي بوجوبه الضمني أو الاستقلالي، والمفروض أنّنا قد أتينا بهذا المتعلّق للتكليف، وعملنا بالوجوب بالمقدار الذي تنجّز، فلنكن غير محرزين لعنوان سقوط التكليف، وأيُّ ضرر في ذلك؟!!.

إن قلت: إنّنا لا نتكلّم عن عنوان إسقاط التكليف، وإنّما نتكلّم عن قبح مخالفة تكليف المولى وحسن امتثاله، ونقول: لا بُدَّ من تحصيل الجزم بالامتثال، وعدم مخالفة التكليف المعلوم، والوجوب الضمني بما أنـّه مندكّ ضمن الوجوب الاستقلالي وجزء منه، وليس له وجود مستقلّ، كذلك يكون لا محالة امتثاله بامتثال الوجوب الاستقلالي ومندكّاً فيه، ومخالفته بمخالفته، وعليه فلو كان الأقلّ واجباً ضمنيّاً وقد ترك الزائد، فقد خالف ذلك الوجوب الضمني؛ لأنّه خالف الوجوب الاستقلالي، وبما أنـّه يحتمل كون وجوب الأقلّ ضمنيّاً، فهو يحتمل مخالفة هذا الوجوب بترك الزائد، ولابُدَّ من الجزم بترك المخالفة.

قلت بعد غضّ النظر عن أنّ الكلام - أعني: دعوى كون اندكاك الوجوب الضمني في الوجوب الاستقلالي موجباً لكون امتثاله عين امتثاله ومخالفته عين مخالفته ـ مجرّد تنميق من الكلام وشعر وخيال: إنّه بناءً على هذا البيان نقول: إنّ الانحلال يقع في نفس المخالفة. وتوضيح ذلك: أنـّه إذا ترك الزائد فهو وإن كان يحتمل حصول مخالفة الوجوب الضمني، لكنّ احتمال المخالفة هنا ليس من باب أنـّه يعلم بأنّ الشيء الفلاني المعيّن مخالفة، ويشكّ في حصوله، كما لو علم بأنّ عدم قتل الكافر مخالفة، وشكّ في أنّ عدم إطلاق الرصاص الثاني يوجب عدم قتله أو لا؟، أو علم بأنّ ترك الصلاة مخالفة، وشكّ في أنـّه هل ترك الصلاة أو لا؟ حتّى يكون ذلك مجرىً للاشتغال، بل هو من باب أنـّه لا يدري أنّ وجوب الأقلّ هل هو بنحو تكون له مخالفة واحدة، وهي ترك الأقلّ، أو بنحو تكون له مخالفتان: إحداهما: ترك الأقلّ، والاُخرى ترك الزائد، فتجري البراءة العقليّة والنقليّة؟ أمـّا العقليّة فواضح؛ إذ لم يبيّن للعبد كون ترك الزائد مخالفة، فالعقاب على هذه المخالفة عقاب بلا بيان، وهو قبيح حسب ما هو المفروض عند القائل بالبراءة العقليّة، وأمـّا النقليّة فينفى بها