المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

32

بوجوب إكرام العالم، ولم يعلم بالصغرى، وهي كون زيد عالماً لم يتنجّز عليه وجوب إكرام زيد أيضاً، وعليه نقول: إنـّه في مورد العلم الإجماليّ بوجوب إكرام أحدهما لا فرق بين افتراض الإجمال في الكبرى أو الصغرى، فلا فرق بين أن نفترض أنـّنا علمنا إجمالاً بوجوب إكرام العالم أو العادل، وعلمنا أنّ زيداً عالم وعمراً عادل، أو نفترض أنـّنا علمنا بوجوب إكرام العالم، وعلمنا إجمالاً بأنّ أحدهما عالم، ففي الأوّل لا إجمال في الصغرى، ولكنّ الإجمال في الكبرى أدّى إلى أن لا نعلم بوجوب الإكرام إلاّ بقدر الجامع، فلم يتنجّز إلاّ مقدار الجامع بين الطرفين الذي يكفي في إتيانه الإتيان بأحد الطرفين، فإنّ الصغرى وإن كانت معلومة بالعلم التفصيليّ، ولكن وصول الحكم لا يكون إلاّ بوصول الصغرى والكبرى معاً، والمفروض أنّ الكبرى لم تصل إلاّ بقدر الجامع، وفي الثاني الذي كانت الشبهة فيه موضوعيّة لا إجمال في الكبرى، ولكنّ الإجمال في الصغرى أدّى إلى نفس النتيجة، فهنا ـ أيضاً ـ لم يتنجّز إلاّ القدر الجامع بين الطرفين، لأنّ الكبرى وإن كانت معلومة بالتفصيل، لكنّ وصول الحكم لا يكون إلاّ بوصول الكبرى والصغرى معاً، والمفروض أنّ الصغرى لم تصل إلاّ بمقدار الجامع، فإنـّنا لا نعلم بعالميّة هذا بالخصوص، ولا بعالميّة ذاك بالخصوص، وإنـّما نعلم بعالميّة الجامع، فلا يتنجّز علينا إلاّ إكرام الجامع.

ولعلّ هذه الشبهة هي التي جعلت من يقول بعدم اقتضاء العلم الإجماليّ لتنجيز الموافقة القطعيّة كالمحقّق النائينيّ (رحمه الله) لا يفصّل بين مورد ومورد.

والتحقيق: أنّ هذا الكلام غير صحيح، فعدم معلوميّة الصغرى بأزيد من الجامع لا ينقل التكليف المعلوم من الواقع إلى الجامع.

وتوضيح ذلك: أنّ المقدار الواصل ينحلّ ـ بحسب التحليل العقليّـ إلى أمرين: وجوب إكرام شخص، ووجوب أن يكون الإكرام مضافاً إلى العالم، فإذا أكرمنا أحدهما لم يكن ذلك موافقة قطعيّة للمقدار الواصل؛ إذ الجزء الثاني التحليليّ من جزئي المقدار المعلوم، وهو أن يكون المكرم عالماً لم يُقطع بموافقته، ولا بدّ من تحصيل القطع بموافقته، كما أنـّنا لو علمنا تفصيلاً بوجوب صلاة الظهر بشرط طهارة البدن مثلاً، ثمّ شككنا في الاتيان بها بهذا الشرط، وفرضنا عدم جريان قاعدة الفراغ، وعدم إحراز الطهارة بمثل أصالة الطهارة أو استصحابها، لم يكن شكّ في أنّ المورد مورد قاعدة (أنّ الشغل اليقيني يستدعي الفراغ اليقينيّ)، ولا مجال فيه للبراءة.

وقد تحصّل: أنّ العلم الإجماليّ في المثال الثاني له إضافة خاصّة إلى الواقع