المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

318

2 ـ العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ

المانع الثاني: العلم التفصيلي بوجوب الأقلّ استقلالاً أو ضمناً، وتقريب المانعيّة: أنـّه لنسلّم أنّ العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ أو الأكثر انحلّ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ استقلالاً أو ضمناً، لكنّ نفس هذا العلم التفصيلي يقين بالاشتغال، ويستدعي اليقين بالفراغ، ولو اختصرنا على الإتيان بالأقلّ لم نجزم بسقوط التكليف بالأقلّ؛ لأنـّه وإن كنا نعلم بسقوطه على تقدير كونه تكليفاً مستقلاًّ، ولكنّه على تقدير كونه تكليفاً ضمنيّاً لا يسقط إلّا بالإتيان بالأكثر، فلأجل حصول الجزم بسقوط التكليف بالأقلّ لا بُدَّ من الإتيان بالأكثر. ولعلّ أوّل من ذكر هذا الوجه هو صاحب الفصول (رحمه الله).

ويرد عليه:

أوّلاً: أنّ سقوط التكليف بالأقلّ بمعناه الحقيقي غير ممكن حتّى باتيان الأكثر، وبمعنى سقوط فاعليّة التكليف حاصل بنفس الإتيان بالأقلّ، بلا حاجة إلى الإتيان بالزيادة.

وتوضيح المقصود: أنـّه تارة يفترض أنّ المقصود بسقوط التكليف هو معناه الحقيقي الذي يكون إمّا بمعنى سقوط الجعل، أو بمعنى سقوط المجعول. فلو أُريد بذلك سقوط الجعل، فإنّه لا يكون إلّا بمعنى النسخ الحقيقي والبداء المستحيل على اللّه تعالى، ولو أُريد سقوط المجعول وفعليّة التكليف، فهو لا يكون إلّا بانتفاء موضوعه، أو أحد أجزاء موضوعه أو قيوده، ومعلوم أنّ الامتثال لا يحقّق سقوط التكليف بشيء من المعنيين.

أمـّا الأوّل: فواضح؛ فإنّ امتثال التكليف لا يوجب حصول البداء للمولى ونسخ الوجوب.

وأمـّا الثاني: فكيفيّة تصويره في المقام: هو أن يفترض أنّ أحد قيود موضوع الوجوب هو عدم إتيان العبد بمتعلّقه، فلو أتى العبد بمتعلّقه سقطت فعليّة التكليف؛ لانتفاء موضوعه بالإتيان، ولكن من الواضح أنّ أخذ قيد في موضوع الوجوب ليس أمراً جزافاً، وإنّما هو باعتبار دخله في محبوبيّة الفعل ومصلحته، ومن المعلوم أنّ عدم الامتثال ليس دخيلاً في ذلك، فما صدر من العبد في مقام الامتثال يكون محبوباً للمولى وذا مصلحة حتّى بعد صدوره. نعم، قد لايكون تكرار العمل والإتيان بفرد ثان للمتعلّق محبوباً وذا مصلحة، ولكن هذا مطلب آخر، فإنّ وجوب فرد ثان