المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

314

عن تصوير الإضافة. وبهذا يظهر أنّ المعلوم الخارجي هو معلوم بالعرض والمجاز، ولذا قد لا يكون ثابتاً في الخارج، ويكون العلم خطأ، ومعه ينفصل في الوجود عن العلم رغم أنّ إضافته إلى المعلوم داخلة في صميم ذاته، فلابُدَّ من التفتيش عن معلوم آخر ألصق منه بالعلم، ولا ينفك عنه في صورتي الصواب والخطأ معاً، وذلك هو المعلوم بالذات، وهي الصورة الذهنيّة.

كما يتبرهن بذلك: أنّ تعدّد العلم والمعلوم بالذات إنّما يكون بالتحليل العقلي، ويكون كلاهما موجوداً في الخارج بوجود واحد، وليسا موجودين بوجودين شُدّ احدهما بالآخر بخيط الإضافة، ـ كما يقال بذلك في نسبة سائر الأعراض إلى محلها، وإن كان الصحيح أنّ العرض والمحلّ فيها ـ أيضاً ـ متّحدان وجوداً، وأنّ العرض شأن من شؤون المعروض ـ إذ لو كان الأمر كذلك؛ لأمكن إفراز العلم بحسب التحليل التصوّري، وتصوّره منحازاً عن إضافته إلى معلوله، ولم تكن الإضافة داخلة في صميم ذاته، في حين أنـّه ليس الأمر كذلك، وكذا الحال في جميع الصفات الحقيقيّة النفسيّة ذات الإضافة كالحبّ والإرادة، فإذا ظهر اتّحاد الحبّ والمحبوب بالذات ظهر أنّ تكثّر المحبوب يستدعي ـ لا محالة ـ تكثّر الحبّ، ولا معنى لتكثّر أحدهما ووحدة الآخر؛ لأنّهما موجودان بوجود واحد.

نعم، ما تبرهن بذلك أنّما هو وحدة المحبوب النفسي الموجود في عالم الذهن عند وحدة الحبّ، دون وحدة المحبوب بالعرض الخارجي، وهذا معنى ما قلناه من أنّ العارض والمعروض في ظرف العروض يجب أن يكونا متسانخين في الوحدة والتكثّر، فلو أُريد من فرض تكثّر المحبوب رغم وحدة الحبّ تكثّر أجزائه الخارجيّة، وفي ظرف الخارج، فهذا ليس هو محلّ الكلام، أي: لم يتوهّم أيّ عاقل توحّد أجزاء الصلاة مثلاً خارجاً، ولا إشكال في أنـّها تشتمل على أشياء كثيرة وماهيّات مختلفة، فالمقصود إنّما هو البحث عن المعروض بالذات للحبّ دون المعروض بالعرض، وقد عرفت أنـّه متسانخ حتماً مع الحبّ وحدةً وتكثّراً.

الأمر الثاني: لو غضضنا النظر عن وحدة العارض والمعروض فأيضاً لا محيص عن الالتزام بأنّ تكثّر المعروض يستلزم تكثّر العارض؛ وذلك لأنـّه إذا عرض عارض على عدّة أُمور فإن فرض أنّ ذلك العارض بتمامه عرض على هذا الأمر، وبتمامه عرض على ذاك الأمر، وهكذا، إذن فهذا العارض لم يعرض بوحدته على أُمور متكثّرة بما هي متكثّرة، بل عرض على كلّ واحد من هذه الاُمور مستقلاًّ، وكان