المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

31

مستقلاّ لكي يلزم تعدّد العقاب، وإنـّما هنا واجب واحد، وهو الموافقة القطعيّة، وهي واجبة بما تستبطن من سائر مراتب الموافقة الظنّيّة والاحتماليّة، إلاّ أنّ هذا الواجب الواحد وهو الموافقة القطعيّة يكون بنحو الانحلال، أي: على تقدير فقد هذه المرتبة من الموافقة يُنتقَل إلى المرتبة الأدنى المستبطنة فيها، وهكذا، فكلّ من المخالفتين الاحتماليّتين قبيح بما هو ترك لجزء واجب واحد انحلاليّ بهذا المعنى، فمن ترك كلا الطرفين يعاقب بالعقاب الواحد الذي يعاقب به من علم بالحكم تفصيلاً فتركه.

وعلى أيّة حال، فلا إشكال في حكم العقل بوجوب الموافقة القطعيّة للمقدار المعلوم، ولذا لو علم تفصيلاً بالحكم ثمّ شكّ في امتثاله فلا إشكال في أنـّه لا بدّ له من الإتيان به حتى يحصل له القطع بالامتثال، وإنـّما نقول في مورد العلم الإجماليّ بأنـّه لا يقتضي التنجيز أكثر من ضرورة الإتيان بأحد الأفراد؛ لأجل أنّ الموافقة القطعيّة للمقدار المعلوم ـ وهو الجامع ـ تحصل بالإتيان بأحد الأفراد، لا لا جل كفاية موافقته الاحتماليّة وعدم حرمة مخالفته الاحتماليّة.

 

ضابط التفصيل في الاقتضاء

وأمـّا المطلب الثاني: فالتحقيق هو الفرق بين مثل العلم الإجماليّ بوجوب صلاة الظهر أو الجمعة الذي هو شبهة حكميّة، ومثل العلم الإجماليّ بوجوب إكرام زيد و عمرو بنحو الشبهة الموضوعيّة من باب العلم بوجوب إكرام العالم، والعلم إجمالاً بكون أحدهما عالماً، ففي الأوّل لا يقتضي العلم الإجماليّ تنجّز شيء أزيدمن الجامع، ويكفي في امتثال الجامع الإتيان بإحدى الصلاتين؛ إذ تحصل بذلك الموافقة القطعيّة للمقدار المعلوم، وفي الثاني لا بدّ من إكرام كليهما؛ لأنـّنا علمنا بوجوب إكرام العالم، فلا بدّ من تحصيل الموافقة القطعيّة لذلك، وهي لا تحصل بإكرام أحدهما، فلا بدّ من إكرام كليهما.

ويمكن أن يتخيّل في المقام أنـّه لا فرق بين المثالين، ففي كليهما يكفي الاتيان بالجامع بالإتيان بأحد الفردين، فإنّ الحكم لا يتنجّز إلاّ بالوصول، ووصول الحكم لا يكون إلاّ بوصول الكبرى والصغرى معاً، فلو علم مثلاً أنّ زيداً عالم، ولم يعلم بالكبرى، وهي وجوب إكرام العالم، لم يتنجّز عليه وجوب إكرام زيد، ولو علم