المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

307

بوجوب التسعة أو العشرة مثلاً، والعلم الإجمالي كما قلنا لا يتصوّر إلّا بإرجاع الأقلّ والأكثر إلى المتباينين، ونقول فعلاً في مقام التصوير الابتدائي لكيفيّة إرجاعهما إلى المتباينين: إنّ الوجوب في المقام ارتباطي، والارتباطيّة تساوق الوحدة، والوحدة تساوق التباين؛ إذ لا يتعقّل أقلّ وأكثر، إلّا مع فرض الكثرة، فنحن حينما ننظر بالعين التي نرى بها الوجوب الارتباطي المتعلّق بالأجزاء وجوباً واحداً نرى بتلك العين ثبوت علم إجمالي متعلِّق بأحد وجوبين وحدانيين متباينين، والآن يكفينا تصوير إرجاعهما إلى المتباينين بهذا البيان الابتدائي، وسيظهر تحقيق الحال في ذلك.

 

انحلال هذا العلم

وقد اجيب عن هذا المانع بدعوى انحلال العلم الإجمالي بأحد وجهين:

الأوّل: إثبات الانحلال بإدخال عنصر ثالث في البحث، وذلك بأن يقال: إنّ العلم الإجمالي بوجوب الأقلّ والأكثر ينحلّ بالعلم التفصيلي بوجوب الأقلّ نفسيّاً أو غيريّاً، واتذكّر أنّ هذا هو ظاهر عبارة الشيخ الأعظم (قدس سره) في الرسائل(1).

وهذا الوجه متوقّف على تسليم كون الأجزاء مقدّمة داخليّة، وتسليم أنّ المقدّمة الداخليّة كالمقدّمة الخارجيّة تتّصف بالوجوب الغيري، وكلا الأمرين ممنوع عندنا، وتحقيقها مع إبطالها موكول إلى بحث مقدّمة الواجب، وسوف تأتي في هذا البحث ـ إن شاء اللّه ـ الإشارة إلى بعض نكاتها.

ثم بعد تسليم مباني هذا الوجه يرد عليه: أنـّه إن أُريد بهذا الانحلال الانحلال الحقيقي، فشرطه أن يتعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجمالي، كما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الإناءين، ثم علم بنجاسة الشرقي منهما، وهنا لم يتعلّق العلم التفصيلي بأحد طرفي العلم الإجمالي، فإنّ طرفي العلم الإجمالي عبارة عن الوجوب النفسي للأقلّ، والوجوب النفسي للأكثر، والعلم التفصيلي تعلّق بالجامع بين أحد طرفي العلم الإجمالي، وهو الوجوب النفسي للأقلّ، وعنصر ثالث غريب، وهو الوجوب الغيري له.

وإن أُريد به الانحلال الحكمي فهو موقوف على فرض منجّز ينجّز الأقلّ؛


(1) راجع الرسائل: ص 274 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق رحمة اللّه.