المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

304

العالم الثاني: عالم الوجوب والإلزام، فقد يفترض أنّ ما في عالم نفس المولى ولحاظه مردّد بين المتباينين، ويكون مثلاً في مقابل اللحاظ الزائد في جانب الأكثر لحاظ آخر في جانب الأقلّ، لكن اللّحاظ الزائد الموجود في جانب الأكثر عبارة عن الإيجاب والإلزام، واللحاظ الزائد الموجود في جانب الأقلّ ليس عبارة عن الإلزام، بل هو توسعة على العبد، فليس كُلّ ما هو ثابت في اللّحاظ فهو تضييق وإلزام، فإذا لاحظ المولى الإطلاق أو قلنا: إنّ الإطلاق أمر لحاظي وليس عبارة عن عدم لحاظ القيد، فهذا ـ بالرغم من كونه داخلاً في لحاظ المولى ـ يكون توسعةً لا تضييقاً.

العالم الثالث: عالم التحميل العقلي، فقد يكون الأمر في العالمين الأوّلين دائراً بين المتباينين، لكنّه بحسب عالم التحميل العقلي يكون الأمر دائراً بين الأقلّ والأكثر، وذلك كما في دوران الأمر بين التعيين والتخيير، كما إذا دار الأمر بين وجوب إكرام إنسان، أو وجوب إكرام حيوان، بالمعنى الشامل للإنسان، ففي عالم لحاظ المولى ـ وكذلك في عالم الإلزام ـ يكون الأمر دائراً بين المتباينين، فإنّ العنوان الملحوظ والملزم به في وجوب إكرام الإنسان مباين للعنوان الملحوظ والملزم به في وجوب إكرام الحيوان، لكنّ التحميل العقلي مردّد بين الأقلّ والأكثر، بمعنى أنّ أحد الامتثالين مساوق لامتثال الآخر دون العكس، فالأمر دائر في التحميل العقلي بين التخيير في الامتثال والتوسعة بلحاظ إكرام الإنسان، أو غيره من الحيوانات، وبين تضييق هذه الدائرة للامتثال بتعيين إكرام الإنسان.

العالم الرابع: هو عالم التطبيق الخارجي والامتثال، فقد يكون الأمر فيه دائراً بين الأقلّ والأكثر، بمعنى: أنّ مقداراً ممّا وقع في الخارج يصلح امتثالاً للأمر بالأقلّ، فإذا ضمّ إليه الزائد صار امتثالاً للآخر على كلّ تقدير، وقد لا يكون كذلك، فمثلاً: لو دار الأمر بين وجوب تسعة أجزاء أو عشرة، بضمّ جزء عاشر إلى تلك الأجزاء التسعة، فكما أنّ الأمر بلحاظ عالم التحميل العقلي دائر بين الأقلّ والأكثر، كذلك الأمر بلحاظ عالم التطبيق الخارجي دائر بين الأقلّ والأكثر، فالأجزاء التسعة تصلح امتثالاً للأمر بالأقل، وإذا ضمّ إليها الجزء العاشر كان العمل امتثالاً للأمر على كلّ تقدير، وهذا بخلاف ما لو دار الأمر بين وجوب إكرام إنسان ووجوب إكرام حيوان بالمعنى الأعم من الإنسان، ففي هذا المثال وإن كان الأمر بحسب التحميل العقلي دائراً بين الأقلّ والأكثر كما عرفت، لكنّه بحسب التطبيق الخارجي ليس كذلك، فليس هنا عمل زائد خارجي يضمّ إلى إكرام الحيوان الصالح لامتثال الأمر بالأقلّ