المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

303

 

 

 

 

 

 

مراحل الدوران

 

قد وقع الكلام في جريان البراءة وعدمه عن المقدار الزائد إذا كانا ارتباطيّين، بعد عدم الإشكال في جريان البراءة عنه في غير الارتباطيّين.

وواقع الأمر أنـّه لو فرض دوران الأمر بحسب الروح والجوهر بين الأقلّ والأكثر، فلا محالة ينحلّ العلم، ويكون الزائد مشكوكاً بالشكّ البدوي ومجرىً للبراءة، كما هو الحال في الأقلّ والأكثر غير الارتباطيين.

وقد أُقيم في المقام بعض الوجوه للزوم الاحتياط، ممّا لو تمّ لثبت لزوم الاحتياط حتّى مع فرض دوران الأمر بحسب الروح والجوهر بين الأقلّ والأكثر، ولكن سيظهر في ثنايا البحث عدم تماميّة شيء من ذلك.

ولو فرض رجوع الأمر بحسب الروح والجوهر إلى التردّد بين المتباينين - وإن كان بحسب الظاهر والصورة مردّداً بين الأقلّ والأكثر- إذن لا يكون الأمر منحلاًّ، ولا تجري البراءة.

وقد يكون الأمر بحسب بعض العوالم والمراحل دائراً بين الأقلّ والأكثر، وبحسب بعضها مردّداً بين المتباينين، فنحن هنا نفرض جميع تلك العوالم أو المراحل التي يمكن دعوى دوران الأمر فيها بين الأقلّ والأكثر؛ لنرى بعد ذلك أنّ الدوران بين الأقلّ والأكثر يتمّ في أيّ عالم من تلك العوالم؟ وأنـّه هل يكفي الدوران بين الأقلّ والأكثر في ذاك العالم لجريان الأصل، أو لا؟ فإليك فهرست تلك العوالم كي يساعدنا على بيان المطلب، وتوضيحه فيما بعد، والمشي حسب مصطلحاتها:

العالم الأوّل: هو عالم جعل المولى ولحاظه، فيمكن دعوى أنّ ما في نفس المولى وعالم لحاظه في موارد الأقلّ والأكثر الارتباطيين يكون في الحقيقة مردّداً بين مقدار لا شكّ فيه وبين وجود ذاك المقدار مع زيادة شيء آخر وقع الشكّ فيه.