المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

298

والفسخ، والغبن، والعيب، وغير ذلك، ولا يترتّب عليه حكم الهبة والتمليك المجّاني، فهذه معاملة بيعيّة منجّزة بحسب الارتكاز العقلائي، والبيع المنجّز بحاجة إلى بيع منجّزة لا محالة، وهو حقّ أنْ يملك الثمرة، أو بتعبير آخر: الثمرة بوجودها التقديري العنائي، وهو وجود محفوظ سواءً كان هناك وجود حقيقي في الخارج أو لا، وهذا الوجود العنائي يشبه الوجود العنائي للمنفعة المتّصلة، كمنفعة البيت على ما ذهب إليه جملة من الفقهاء في مقام تصوير الإجارة، من أنّ مالك البيت يملّك الوجود العنائي لمنفعته ـ وإنْ لم يكن هذا صحيحاً عندنا في باب الإجارة ـ .

وبالنسبة للقسم الثاني ـ أيضاً ـ يمكن أنْ يقال بمثل هذا الكلام ـ إنْ ساعد عليه الارتكاز ـ، وقد مَضى أنّ مثاله الوقف على البطون المتأخّرة على بعض المباني في تصويره، فوجود المال المملوك فعليّ، لكن المالك لم يملك لقصور فيه؛ لأنـّه غير موجود فعلاً، لكن مع هذا ينتزع له نحو من الحقّ، فتأهّل المال وتهيّوؤه للمملوكيّة لشخص سوف يوجد يكون منشأ لاعتبار حقيّ أو لملكيّة بنحو من الأنحاء، مضافة إلى الوجود العنائي أو التقديري للمالك، فيكون هذا المال مملوكاً لمالك تحقيقي ومملوكاً تقديرياً أيضاً، ولا مانع من اجتماع مالك تحقيقي مع مالك تقديري، وإنـّما الممنوع اجتماع مالكين تحقيقيّين، ومن هنا قال كثير من الفقهاء ـ ومنهم الشيخ الأنصاري (قدس سره) في المكاسب(1) ـ بأنّ حقّ البطون المتأخّرة الثابت في الوقف يمنع عن بيع الوقف، وإنْ استشكل في ذلك المحقّقون المتأخّرون، فبالإمكان تسليم مثل هذا الحقّ لو ساعد الارتكاز بمثل هذا البيان.

وكذلك الأمر بالنسبة للقسم الثالث، فيمكن أنْ يقال بانتزاع نحو من الحقّ للموصى له والسلطنة، وهذا النحو من الحقّ والسلطنة تكون له ـ أيضاً ـ آثار، ولعل هذا يناسب فتوى جماعة من الفقهاء في مثل هذا الفرض، بأنّ الوارث لا يجوز له أن يتصرّف في مثل هذا المال قبل أنْ يتعيّن مصير الوصية قبولاً وردّاً، حتّى بناءً على القول بانتقال المال إلى الوارث قبل القبول، وخروجه بعده؛ لأنّ الملكيّة بوجودها التقديري وتهيّوء المال لكونه مملوكاً للموصى له تهيّوء كاملاً متوقّفاً على محض سلطنته وإعماله لهذه السلطنة يوجب نحو حقّ له يمنع الوارث عن التصرّف فيه.

والخلاصة: أنّ هذه دعوى عريضة في الفقه، ولها مصاديق كثيرة فيه،


(1) راجع المكاسب: ص 164 بحسب الطبعة المشتملة على تعليقة الشهيدي.