المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

295

أثمرت إحدى الشجرتين، فنقول: إنّ تلك الثمرة تقع طرفاً لعلم إجمالي جديد، وهو العلم بغصبيّتها أو غصبيّة الشجرة الاُخرى، وقد أثبتنا في مسألة الملاقي تنجيز مثل هذا العلم الإجمالي، ومعه لا حاجة إلى التكلّم في تنجيز العلم الأوّل.

إلّا أنّ الأصحاب حيث أنكروا تنجيز العلم الثاني احتاجوا إلى الحديث عن العلم الأوّل، كما فعلوا ذلك في مسألة الملاقي، وقد فصّلوا في كلا المقامين بين الانبساط والسببيّة، فكما قالوا هناك: إنـّه بناءً على أنّ نجاسة الملاقي انبساط وامتداد لنجاسة الملاقى يكون العلم الأوّل منجّزاً، وبناءً على أنـّها مسبّبة عن نجاسة الملاقى لا يكون منجّزاً، كذلك قالوا هنا: إنـّه بناءً على أنّ ملكيّة الثمرة انبساط وامتداد لملكيّة الأصل يكون العلم الأوّل منجّزاً، وبناءً على كونها مسبّبة عنها لا يكون منجّزاً.

وقد تقدّم منّا هناك توضيح عدم تماميّة هذا التفصيل، فلو قلنا بعدم التنجيز بناءً على السببيّة، نقول به ـ أيضاً ـ على الانبساط، فلنتكلّم هنا على السببيّة، هل يكون العلم الإجمالي الأوّل منجّزاً أو لا؟ فإنْ ثبت التنجيز ثبت على كلا المبنيين، وإلّا بطل على كلا المبنيين، وقد ذكر المحقّقون أنـّه ليس منجّزاً، وهذه الدعوى ـ أعني دعوى عدم التنجيز ـ يمكن بيانها ببيان ساذَج ابتدائي: هو أنّ المعلوم إجمالاً بالعلم الأوّل إنـّما هو وضع اليد على أحد الأصلين الذي هو ملك الغير، وهذا لا يكفي في ضمان الثمرة، بل لا بدّ من العلم تفصيلاً أو إجمالاً بوقوع اليد على ثمرة الأصل المغصوب، ولم يعلم بذلك.

وهذايرد عليه ما ذكره المحقّق النائينيّ(رحمه الله)(1) من أنّ المختار في مباحث الضمان هو أنـّه لا يشترط في ضمان الثمرة وضع اليد عليها، بل يكفي وضع اليد على الأصل، فلو أنّ إنساناً غصب شجرة، ثم غصب إنسان آخر تلك الشجرة منه، وأثمرت عند الغاصب الثاني، فهنا الثمرة لم تقع تحت يد الغاصب الأوّل لكنّها داخلة في ضمانه.

ولهذا بيّن السيّد الاُستاذ(2) دعوى عدم التنجيز ببيان آخر أعمق، وهو أنّ وضع اليد على الأصل المغصوب الذي هو المعلوم بالعلم الإجمالي الأوّل ليس تمام الموضوع لضمان الثمرة، بل يشترط في ضمانها كون الثمرة ثمرة لمملوك الغير


(1) راجع أجود التقريرات: ج 2، ص 257.

(2) راجع الدراسات: ج 3، ص 262، والمصباح: ج 2، ص 408.