المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

293

بوجوده الخارجي، واُخرى بوجوده البدلي والتغريمي، فلا بدّ له من الالتزام بأنّ الضمان هو انشغال الذمّة منوطاً بالتلف، فلم يحرز في المقام تمام موضوعه بالعلم الإجمالي الأوّل.

وأمـّا من يرجع الدين وانشغال الذمّة إلى الضمان والعهدة، فهؤلاء ـ كما قلنا ـ انقسموا إلى فريقين:

فمنهم من قال بأنّ العين بمجرّد أنْ تغصب تدخل في العهدة، وتبقى بتمام خصوصيّاتها في العهدة حتى بعد التلف، ويجب إخراجها عن العهدة عند وجودها بردّها إلى المالك، وعند تلفها بدفع المثل أو القيمة. وبناءً على هذا التصور نقول: إنّ العهدة وإن كانت فعليّة للعلم إجمالاً بتمام موضوعها لكنّ العهدة بما هي لا تقبل التنجّز، وإنـّما الذي يتنجّز هي العهدة بلحاظ آثارها، وأثرها الذي هو وجوب دفع البدل مشروط بتلف العين، وليس أثراً لها مطلقاً، فالعلم الإجمالي الأوّل ليس علماً بتمام موضوعه.

ومنهم من قال بأنّ العين دخلت في العهدة بتمام خصوصيّاتها بمجرّد الغصب، ولدى تعذّر بعض الخصوصيّات تسقط تلك الخصوصيّة ويبقى الباقي، فبعد التلف تعذّرت الخصوصيّة الشخصيّة، وخرجت عن العهدة وبقيت العين بما هي كلّيّة في العهدة، فكأنـّهم تصوّروا وعاءً واحداً انصبّت العين فيه من أوّل الأمر بتمام خصوصيّاتها، ثم يُنزع من هذه العين بالتدريج رداء الشخصيّة، وتصبح كلّيّة وهؤلاء أيضاً لا بدّ لهم من الاعتراف هنا بأنّ انشغال الذمّة بالكلّي لم يعلم بتمام موضوعه، فإنّ الكلّي الذي كان في عهدته منذ البدء ضمن العين الشخصيّة لم يكن عبارة عن وجود الكلّي على الإطلاق، بل كان عبارة عن الكلّي المتحصّص ضمن العين الشخصيّة، وإنـّما يدخل الكلّي في العهدة ويجب دفعه لدى خروج الخصوصيّة الشخصيّة عن العهدة بالتلف، فلا يكون العلم الإجمالي الأوّل علماً بتمام الموضوع لهذا الانشغال.

إذن فعلى تمام هذه التصوّرات لا بدّ من الالتزام ـ حسب هذه الصناعة ـ بعدم تنجيز العلم الإجمالي، فينبغي أنْ يفصل بين ما إذا كانت الاُصول الجارية في كلّ من الشجرتين في نفسها تقتضي مالكيّة الغير لها، كما لو اشترى إحداهما من الغير، ثم اشتبه ما اشتراه، فجرى استصحاب مالكيّة الغير في كلّ من الشجرتين، أو كانت الاُصول فيهما ترخيصيّة، كما لو فرض أنّ حالتهما السابقة هي كونها من المباحات