المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

281

هذه هي عمدة ما ذكره الأصحاب من وجوه القول بالانحلال، وقد عرفت عدم تماميّة شيء منها.

هذا تمام الكلام في أصل مسألة ملاقي بعض الأطراف.

وبقي في المقام ذكر اُمور:

 

التبادل في الحكم بين الملاقي والملاقى

الأمر الأوّل: أنـّه حاول بعض من قال بعدم وجوب الاجتناب عن الملاقي أنْ يوقع التبادل بين حكم الملاقي والملاقى في بعض الصور، كما إذا حصلت الملاقاة قبل العلم بالنجاسة، ثم خرج الملاقى عن محلّ الابتلاء، ثم علم إجمالاً بالنجاسة،


وثانياً ـ لو سلّمنا رتبتين للطرف المشترك فالمفروض أنّ التكليف لو كان في الطرف المشترك فهو في كلتا الرتبتين، إذن فالعلم الإجمالي المردّد بينه وبين الطرف المختصّ ـ وهو الملاقي ـ علم إجمالي بالحدوث، فإنّ التكليف لو كان في الملاقي فهو حدوثي، ولو كان في طرف الملاقى فهو أيضاً حدوثي في عالم الرتب، أي: أنـّه حدث في الرتبة الاُولى واستمر إلى الرتبة الثانية، فلو أردنا قياس الرتبة بالزمان كان هذا من قبيل ما لو علمنا إجمالاً: إمـّا بنجاسة هذا الإناء في هذا اليوم، أو بنجاسة الإناء الآخر من الأمس إلى اليوم، ولا شكّ في تنجيز ذلك.

ويمكن بيان الانحلال بالتقدّم الرتبي للمعلوم بتقريب آخر قد يكون أقلّ تعقيداً من التقريب الماضي، وذلك بأن يقال: إنّ نجاسة الملاقي في طول نجاسة الملاقى؛ لأنـّها مسبّبة عنها، وأمـّا نجاسة طرف الملاقى فهي في عرض كلتا النجاستين، فلها إطلاق لكلتا المرتبتين، فمن المحتمل أن يكون المعلوم الثاني بقائياً بحسب عالم الرتب، وذلك بلحاظ طرف الملاقى الذي هو الطرف المشترك، وهذا التقريب مشترك مع التقريب السابق في الروح والجوهر.

ويرد عليه: أوّلاً ـ أنّ كون نجاسة طرف الملاقى في عرض نجاسة الملاقى، وفي عرض نجاسة الملاقي لا يعني ثبوتها في مرتبتين؛ لأنّ عرضيّتها لهما ليست بمعنى تقيّدها بالمرتبتين بأنْ تكون مثلاً معلولة مع نجاسة الملاقى لعلّة واحدة، وفي نفس الوقت معلولة مع نجاسة الملاقي لعلّة واحدة، فإنّ هذا مستحيل، وإنـّما تكون عرضيّتها لهما معنى تحرّرها من قيد كلّ من المرتبتين.

وثانياً ـ الإشكال الأخير الذي أوردناه على التقريب السابق ـ وهو أنـّه بعد فرض كون الطرف المشترك في مرتبتين ـ يكون علمنا الإجمالي مردّداً بين الطرف المختصّ في مرتبته، وهي المرتبة الثانية فحسب، والطرف المشترك في كلتا مرتبتيه فهو على كلا تقديريه علم بتكليف حدوثي.