المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

280

المرتبة السابقة نزل إلى هذه المرتبة، فهو بحسب عالم الرتب تكليف بقائي لا حدوثي، فقد تمّ التقدّم والتأخّر الرتبي بلحاظ الجانب المشترك، وبه تمّ الانحلال.

ويرد عليه: أوّلاً: أنّ المعلوم الأوّل وإنْ لم يكن مقيّداً بالملاقاة وكان مطلقاً من هذه الناحية بخلاف المعلوم الثاني، لكنّ هذا لا يجعله في رتبة أسبق من المعلوم الثاني، فمثلاً زيد هو بن عمرو مؤخّر من عمرو، لأنـّه ابنه لكنّ بكراً الذي ليس هو ابن عمرو لا يكون أسبق رتبة من زيد، باعتبار تقيّد زيد بالمرتبة المتأخّرة من عمرو وعدم تقيّد بكر بذلك.

وثانياً: لو فرض المعلوم الأوّل في المرتبة السابقة فلا معنى لمجيئه بالإطلاق إلى المرتبة اللاحقة، كما لا معنى لذلك بالنسبة لمسألة الحكم الواقعي والظاهري، فهذا الذي يذكر في تلك المسألة لا يصحّ من دون تأويل، فإنـّه إن كان المراد بذلك وجود الشيء في مرتبتين بمعنى أن تكون لوجوده مرتبتان، فهذا محال، وإن كان المراد إطلاقه للمرتبتين بحيث يتصوّر هذا شيئاً في قبال أنْ تكون للشيء مرتبتان، فهذا أمر لا يتعقّل(1).

 


(1) لم يكن كلام اُستاذنا الشهيد (رحمه الله) ظاهراً في انحصار الإشكال على التقريب الذي مضى كتوجيه لكلام المحقق النائيني بهذين الإيرادين.

ويمكن أنْ يرد عليه مضافاً إلى ما ذكر: ـ

أوّلاً ـ أنّ ما ذكر من أنّ المعلوم الثاني بعد ما كان بأحد تقديريه مقيّداً بالملاقاة، إذن بما هو وبما هو عليه من التردّد مؤخّر رتبة؛ لأنّ النتيجة تتبع أخس المقدّمات، إما غير صحيح وإما غير مفيد، فأنـّه لو اُريد بالمعلوم الجامع بين المقيّد وغير المقيّد، أو قل: الجامع بين المقدّم والمؤخّر، فهو وإنْ كان بما هو معلوم مجمل مؤخراً رتبة، لكن هذا لا يفيد في المقام؛ إذ الذي يقتضي الانحلال هو تصوير التقدّم والتأخّر في الجانب المشترك، لا في الجامع، فإنّ المهمّ إثبات أنّ التكليف في الجانب المشترك قد لا يكون حدوثياً، فليس المعلوم بالإجمال حدوثياً على كلّ تقدير، وأمـّا لو فرض كون التكليف في الجانب المشترك حدوثياً مع أنـّه في الجانب الآخر ـ أيضاً ـ حدوثي بلا إشكال، فمن الواضح: أنّ الجامع بين الحدوثي والحدوثي الذي هو المعلوم بالعلم الثاني حدوثي، ولا يوجد أثر فيما هو المقصود؛ لفرض تأخّر هذا الجامع رتبة بما هو معلوم. ولو اُريد بالمعلوم الواقع فمن الواضح أنّ الواقع المردّد بين المقدّم والمؤخّر ليس مؤخراً، بل هو مردّد بين المقدّم والمؤخّر، وتابع لواقعه، فهو مقدّم على أحد التقديرين، ومؤخّر على التقدير الآخر.