المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

28

المردّد لا وجود له في الخارج؛ إذ الوجود الخارجيّ يساوق التعيّن، إلاّ أنـّه يقول: إنّ طرف الإضافة للعلم هو الفرد المردّد، لأنّ كونه طرفاً لإضافة العلم لا يستلزم وجوده خارجاً، حتى يرد عليه إشكال استحالة التردّد في الوجود الخارجيّ، وفاته أنّ هذا أيضاً مستلزم للتردّد في الوجود الخارجيّ؛ لأنّ طرف إضافة العلم الذي ليس موجوداً في الخارج هو المعلوم بالذات وهو عين العلم، والعلم بنفسه من الموجودات الخارجيّة، فلزم التردّد في الوجود الخارجيّ.

وعلى أيّة حال، فبعد فرض تسليم مبناه نقول: إنّ هذا لا يقتضي لزوم امتثال زائد على امتثال الجامع، فإنـّه وإن كان المفروض أنّ المقدار المتعلّق به العلم أزيد من الجامع، لكنّ المقدار الذي يقبل التنجيز ممّا تعلّق به العلم إنـّما هو الجامع، والمقدار الزائد على ذلك الداخل في دائرة العلم لا يقبل التنجيز، فإنّ المقدار الزائد إنـّما هو عبارة عن الحدّ الشخصيّ الترديديّ، وعندئذ نسأل: ماذا يتنجّز زائداً على الجامع؟ هل يتنجّز الحدّ الشخصيّ التعيينيّ، أو يتنجّز الحدّ الترديديّ؟ فإن قيل بالأوّل قلنا: إنّ الحدّ التعيينيّ ليس هو الزائد الذي تعلّق به العلم، فإنّ المفروض أنّ العلم إنـّما تعلّق بالفرد المردّد. وإن قيل بالثاني، أعني: تنجّز الفرد المردّد والحدّ الترديديّ، قلنا: إنّ الحكم الذي وجد خارجاً ليس هو الفرد المردّد قطعاً؛ لأنّ المفروض تسليم استحالة الوجود المردّد في الخارج، فالفرد المردّد ليس هو الحكم الشرعيّ الذي وجد خارجاً قطعاً، فكيف يتنجّز؟

والخلاصة: أنّ الحدّ التعيينيّ حكم شرعيّ قابل للتنجيز، لكنّه لم يتعلّق به العلم، والحدّ الترديديّ تعلّق به العلم، لكنّه ليس حكماً شرعيّاً يوجد من قبل الشارع حتى يقبل التنجيز، فلا يتنجّز إلاّ الجامع.

وأمـّا على مبنى تعلّق العلم بالواقع، فيمكن أن يقال هنا: إنّ العلم يقتضي الموافقة القطعيّة، لأنّ الواقع لا يحرز حصوله بالإتيان بأحد الفردين، والاشتغال اليقينيّ يستدعي الفراغ اليقينيّ، والواقع قد تنجّز وخرج عن (قاعدة قبح العقاب بلا بيان)؛ لأنـّه ثبت بيانه بتعلّق العلم به، وعندئذ يكون احتمال الواقع المنجّز في كلّ واحد من الطرفين منجِّزاً لا محالة.

إلاّ أنّ الصحيح: أنـّه على هذا المبنى ـ أيضاً ـ لا يتنجّز إلاّ مقدار الجامع. وتوضيح ذلك: أنّ المفروض في هذا المبنى هو أنّ المعلوم الخارجيّ بالعلم الإجماليّ، وبالعلم التفصيليّ هو شيء واحد، وهو الواقع، لكنْ هناك فرق بين ذات