المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

279

الانحلال في المقام: أنّ نجاسة الملاقي معلولة لنجاسة الملاقى ومتأخّر رتبة عنه، فلا نعلم في المرتبة المتأخّرة بحدوث تكليف، لاحتمال كون النجس هو الإناء الآخر الذي كان نجساً من أوّل الأمر.

فتراه قد ذكر في المقدّمة التقدّم والتأخّر بلحاظ جانبي الافتراق، وفي مقام الاستنتاج صوّر كون التكليف بقائياً لا حدوثياً في الجانب المشترك، ففي المقدّمة نظر بإحدى العينين، وفي الاستنتاج نظر بالعين الاُخرى، ولا أدري ماذا كان المقرّر يتصور من معنى لهذا الكلام؟! أو كان كلام الاُستاذ مشوّشاً، فانعكس التشويش على كلام المقرّر .

ولعلّ مقصود المحقّق النائيني (رحمه الله) في المقام كان تقريباً له صورة، وإنْ كان بحسب التحقيق ـ أيضاً ـ غير صحيح. وتوضيحه: أنّ المعلوم بالعلم الأوّل على كلا تقديريه ثابت بقطع النظر عن الملاقاة، فهو على تردّده وإجماله ثابت في المرتبة السابقة على الملاقاة، وأمـّا المعلوم بالعلم الثاني فهو وإنْ كان على أحد تقريريه ثابتاً ـ أيضاً ـ بقطع النظر عن الملاقاة، وهو تقدير كون النجس طرف الملاقى، لكنّه على أحد التقديرين ـ وهو تقدير نجاسة الملاقي ـ مقيّد بالملاقاة، فالمعلوم الثاني بما هو معلوم وعلى تردّده وإجماله يكون في المرتبة المتأخّرة عن الملاقاة، فإنّ النتيجة هنا تتبع أخسّ المقدّمات، إذن فالمعلوم الأوّل على تردّده مقدّم رتبة، والمعلوم الثاني بما هو معلوم على تردّده مؤخّر رتبة، ثم المعلوم الثاني لا يصعد إلى درجة المعلوم الأوّل لتقيّده بالملاقاة، لكن المعلوم الأوّل ينزل إلى درجة المعلوم الثاني بالإطلاق، وذلك سنخ ما يقال في إبطال الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري بتعدّد الرتبة، من أنّ الحكم الظاهري وإن كان لا يصعد إلى مرتبة الحكم الواقعي لتقيّده بالشكّ، لكنّ الحكم الواقعي ينزل إلى مرتبته بالإطلاق، وعليه نقول: إنّ المعلوم الثاني الذي هو على تردّده متأخّر رتبة عن المعلوم الأوّل ليس عبارة عن حدوث التكليف، لأنـّه على أحد التقديرين ـ وهو تقدير كون النجس طرف الملاقى ـ يكون هو المعلوم في


الشكّ في نجاسة الملاقي حيث كان ناشئاً عن الشكّ في نجاسة ما لاقاه، ففي مرتبة سابقة على الملاقاة يعلم بنجاسة متنجّزه في الطرفين، فالتكليف في أحد طرفي العلم الثاني، يعني طرف الملاقى وهو الجانب المشترك، يكون منجّزاً في مرتبة سابقة على العلم، فلا يكون علماً بتكليف مطلقاً.