المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

276

المعلومي ـ؛ لأنـّه على هذه الصياغة لا أثر للتقدّم المعلومي، فإنّ التقريب هو أنّ المنجّز لا ينجّز، ومن الملعوم أنّ التنجيز يترتّب على العلم والانكشاف، لا على مجرّد ثبوت المعلوم في الواقع، ولا معنى لتقدّم تنجيز العلم على نفس العلم.

وثالثاً: لو سلّمنا مع التحفظ على نفس الصياغة الضيائيّة أنّ العبرة بتقدّم المعلوم، وذلك بأن يقال مثلاً: إنّ التنجّز يترتّب على العلم بما له من جهة الانكشاف، ومع تقدّم المعلوم يكشف العلم عن التكليف في الزمان السابق، فالتنجّز أيضاً يتحقّق من ذلك الزمان.

أقول: لو سلّمنا كلاماً من هذا القبيل، وغضضنا النظر عن وضوح بطلانه لا نسلّم المبنى الثاني، وهو تعميم الانحلال بالمنجّز لفرض كون المنجّز علماً إجماليّاً آخر، نسبته إلى ذاك العلم الإجمالي من حيث الأطراف عموماً من وجه؛ إذ هما منجّزان متماثلان ليس انحلال أحدهما بالآخر بأولى من العكس، ولا أثر لتقدّم أحد المعلومين زماناً أو رتبة.

أمـّا الأوّل؛ فلأنّ تنجّز المعلوم في الزمان المتأخّر يكون بوجوده المتأخّر، لا بوجوده المتقدّم، فلا معنى لأنْ يقال: إنّ المعلوم لا يتنجّز في الزمان المتأخّر بالعلم الثاني؛ لأنـّه تنجّز في الزمان السابق بالعلم الأوّل.

وأمـّا الثاني؛ فلأنـّه ـ أيضاً ـ لا معنى لأنْ يقال: إنّ المعلوم لا يتنجّز في الرتبة المتأخّرة بالعلم الثاني؛ لأنـّه تنجّز في الرتبة السابقة بالعلم الأوّل؛ إذ مع الالتفات إلى أنّ التنجّز أمر زمانيّ لا رتبيّ يبطل المبنى الرابع، كما سيأتي إن شاء الله، فنلفرض هنا أنـّه أمر رتبي، كي يتعقّل إلى حدّ ما دعوى كون تقدّم المعلوم رتبة موجباً لانحلال العلم الثاني، وعندئذ نقول: يرد على ذلك أنـّه لو فرض التنجّز أمراً رتبياً، لا مانع من تنجّز المعلوم في الرتبة السابقة، ثم تنجّزه في الرتبة المتأخّرة، فإنّ تنجّزه في كلّ رتبة بوجوده في تلك الرتبة ـ كما قلنا في التقدّم الزماني: إنّ تنجّزه في كلّ زمان بوجوده في ذاك الزمان ـ ففي الرتبة الثانية يتلقّى التنجيز من كلا العلمين قهراً، ويصبح كلّ واحد من العلمين جزءاً لعلّة التنجيز مثلاً.

ورابعاً: لو سلّمنا في الجملة انحلال المتأخّر بالعلم المتقدّم معلوماً بصياغته الضيائيّة، وهي أنّ المنجّز لا ينجّز، أو بصياغته الميرزائيّة، و هي عدم العلم بحدوث التكليف متأخّراً، لا نسلّم المبنى الرابع، وهو كون التقدّم الرتبي كالتقدّم الزماني موجباً للانحلال.