المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

275

وهذه المباني الثلاثة تقدّمت في الأبحاث السابقة.

والرابع: تعميم التقدّم للتقدّم الرتبي، وعدم تخصيصه بالتقدّم الزماني، فكما يقال في فرض التقدّم الزماني: إنـّه لا علم بحدوث التكليف في هذا الزمان، كذلك يقال في فرض التقدّم الرتبي: إنـّه لا علم بحدوث التكليف في هذه الرتبة.

أقول: يرد على هذا الطرز من التفكير نقض واضحٌ، وهو النقض بما لو كان العلم الإجمالي مسبوقاً بالشكّ البدوي في أحد الطرفين، فإنْ كنّا نشترط في منجّزية العلم الإجمالي كونه علماً بحدوث التكليف ففي مورد النقض لا علم لنا بحدوث التكليف، لاحتمال كون التكليف الذي علمناه هو بقاءً لنفس التكليف الذي احتملناه سابقاً. وإنْ قلنا: إنـّه لا يشترط في تنجيز العلم الإجمالي ذلك، فيكفينا العلم باصل التكليف، وإن كان بقائياً على بعض التقادير، فلماذا يفترض في المقام أنّ العلم الإجمالي السابق يحلّ العلم الإجمالي اللاحق؟!

إلّا أن يوجّه كلام الميرزا بافتراض أنـّه بروحه يرجع إلى الصياغة الضيائيّة وإنْ اختلف عنها في التعبير، وسمّاه بالانحلال الحقيقي، فواقع مرامه هو أنّ المنجّز لا يقبل التنجيز مرّة اُخرى، فإذا مزجنا بين الصياغة الضيائية ـ في باب الانحلال من ناحية ـ ودعوى المحقق النائيني (رحمه الله) لكون العبرة بالتقدّم المعلومي لا العلمي، استنتجنا في المقام: إنّ العلم الإجمالي في الملاقى أو طرفه يحلّ دائماً العلم الإجمالي في الملاقي أو طرف الملاقى.

وبعد هذا نقول: إنّ المباني الأربعة التي شرحناها لإثبات الانحلال في المقام كلّها قابلة للنقاش، إلّا أنّ بعضها يناقش لو أردنا أن نأخذ في المقام بالمزج بين الصياغة الضيائيّة ودعوى كون العبرة بالتقدّم المعلومي لا العلمي، وبعضها يناقش مطلقاً ـ أي سواءً أخذنا بالصياغة الضيائيّة أو بالصياغة الميرزائيّة ـ وتوضيح ذلك بما يلي:

أولاً: أنّ المبنى الأوّل ـ وهو انحلال العلم الإجمالي بمجرّد قيام منجّز في أحد طرفيه ـ غير صحيح، لا بصياغته الميرزائيّة ـ وهي عدم كون العلم علماً بحدوث التكليف ـ ولا بصياغته الضيائيّة ـ وهي أنّ المنجّز لا يتنجّز على ما مضى بيان ذلك في الأبحاث السابقة ـ .

وثانياً: لو سلّمنا انحلال العلم الإجمالي بقيام منجّز في أحد طرفيه، وذلك بصياغته الضيائيّة ـ التي هي أوجه ـ لا نسلّم المبنى الثالث ـ أعني كون العبرة بالتقدّم