المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

274

العقلي للعلم الإجمالي، وإنـّما ركّزا على انجاء الأصل الملاقي عن المعارض، وصيرورته مانعاً عن وجوب الموافقة القطعيّة، ومن الطبيعي ـ عندئذ ـ عدم جريان البراءة العقليّة؛ لأنّ الاقتضاء العقلي ثابت على حاله، كما أنـّه من الطبيعي ـ عندئذ ـ اختصاص تمامية التقريبين بفرض اقتضاء التنجيز لوجوب الموافقة القطعيّة؛ إذ بناءً على العلّيّة بعد فرض ثبوت الاقتضاء العقلي على حاله لا يبقى مجال لجريان الأصل ـ ولو كان واحداً ـ ولا معنى لمنعه عن وجوب الموافقة القطعيّة.

وأمـّا الوجهان الأخيران فيبطلان أصل الاقتضاء العقلي، فلا يبقى مانع عن جريان البراءة العقليّة، ولا يفترق الحال في بطلان أصل الاقتضاء العقلي للعلم الإجمالي بين كون ذلك عبارة عن تأثيره بنحو العلّية أو تأثيره بنحو الاقتضاء.

أمـّا بيان أصل هذا التطبيق ـ الذي اختاره المحقّق النائينيّ (رحمه الله) في المقام لمبناه في الانحلال على مورد ملاقاة بعض أطراف العلم الإجمالي ـ فهو أنـّه (رحمه الله) يقول بانحلال العلم الإجمالي المتأخّر بالعلم الإجمالي المتقدّم، ويرى أنّ الميزان هو التقدّم والتأخّر بحسب المعلومين، فالمتأخّر معلوماً ينحلّ بالمتقدّم معلوماً، وإنْ فرض تقارنهما من حيث العلم أو تعاكس العلمين للمعلومين في التقدّم والتأخّر، ولا يفرّق (رحمه الله) في ذلك بين التقدّم الزماني والتقدّم الرتبي، وعلى هذا يقول فيما نحن فيه: إنّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو طرفه يوجب دائماً انحلال العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى؛ لأنّ المعلوم الثاني وإنْ لم يكن دائماً متأخّراً عن المعلوم الأوّل زماناً لإمكان معاصرة زمان انفعال الملاقى أو طرفه لزمان الملاقاة، ولكنّ التأخّر الرتبي ثابت دائماً، ولم يأت في تقرير بحثه بيان لإثبات هذا التأخّر الرتبي، عدا أنّ نجاسة الملاقي ـ لو كان نجساً ـ مسببة عن نجاسة الملاقى ومتأخّرة عنها، ففي هذه المرتبة المتأخّرة لا علم بحدوث التكليف، إذ لعلّ النجس هو طرف الملاقى، وعليه لا يكون هنا تكليف حادث.

وتقريب الانحلال بهذا النحو في المقام في الحقيقة عبارة عن التطبيق لمباني المحقق النائيني (رحمه الله) في الانحلال على المقام التي هي أربعة:

الأوّل: دعوى انحلال العلم الإجمالي بقيام منجّز في أحد طرفيه.

والثاني: تعميم هذه الدعوى لفرض كون ذاك المنجّز علماً إجمالياً آخر نسبته إلى ذاك العلم الإجمالي عموم من وجه.

والثالث: كون العبرة بالتقدّم المعلومي.