المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

273

 

بيان المحقّق النائيني

الوجه الرابع: ما ذكره المحقّق النائينيّ (رحمه الله) في المقام(1)تطبيقاً لمبناه في الانحلال على ما نحن فيه، فهو يقول بانحلال العلم الإجمالي بقيام منجِّز في أحد طرفيه، لا بمعنى مجرّد أنّ الأصل الشرعي في الطرف الآخر بقي بلا معارض، بل بمعنى انتفاء أصل الاقتضاء العقلي للتنجيز، فمسلكه في الانحلال بقيام المنجّز في أحد الطرفين يشارك مسلك الشيخ آقا ضياء العراقي (رحمه الله) في ذلك في دعوى أنّ أصل الاقتضاء العقلي ـ وهو العلّية للتنجيز لدى آقا ضياء واقتضاء التنجيز لدى الميرزا ـ قد انتفى، على فرق بينهما في صياغة البرهان على ذلك.

فالصياغة الضيائية: عبارة عن أنّ المنجّز لا يتنجز مرّة اُخرى، والمعلوم بالإجمال يجب أنْ يكون قابلاً للتنجيز بالعلم الإجمالي على كلّ تقدير، وبهذا يتمّ الانحلال الحكمي.

والصياغة الميرزائية: عبارة عن أنـّه مع تنجّز تكليف في أحد الطرفين لا يكون العلم الإجمالي علماً بحدوث تكليف، فلو علم مثلاً بوقوع قطرة دم في الإناء الأسود أو الأبيض، ثم علم بوقوع قطرة اُخرى في الإناء الأبيض أو الأصفر، فالعلم الثاني ليس علماً بحدوث تكليف، لاحتمال كون كلا الدمين واقعين في الإناء الأبيض، فالدم الثاني لم يحدث تكليفاً جديداً، ويسمي الميرزا ذلك بالانحلال الحقيقي.

وعليه، فهذا الوجه كالوجه السابق في امتيازه عن الوجهين الأوّلين في أنـّه يثبت جريان البراءة العقليّة أيضاً، وليس التأمين الشرعي فحسب، بينما الوجهان الأوّلان لا يثبتان ذلك، وفي ملائمة هذا الانحلال حتى لمسلك العلّية بخلاف الوجهين الأوّلين فإنـّهما يختصان بمسلك الاقتضاء.

والسرّ في كلتا هاتين الميزتين هو الاختلاف الجوهري الثابت بين الوجهين الأخيرين والوجهين الأوّلين، وهو أنّ الوجهين الأوّلين لم يركّزا على نفي الاقتضاء


(1) راجع فوائد الاُصول: ج 4، ص 26 ـ 28، وأجود التقريرات: ج 2، ص 259 ـ 260 و ص 263 ـ 264.