المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

270

 

بيان المحقق العراقي

الوجه الثالث: للمحقّق العراقي (رحمه الله)(1)، وهو دعوى انحلال أثر أحد العلمين الإجماليّين العقلي من العلّية أو الاقتضاء بالعلم الإجمالي الآخر إذا كان في طوله. توضيح ذلك: أنـّه تارةً يفرض أنّ العلم الإجمالي بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى معلول للعلم بنجاسة الملاقى أو طرفه، كما لو علمنا بنجاسة أحد شيئين ثم رأينا ملاقاة شيء لأحد الطرفين، فتكوّن العلم بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى ببرهان نجاسة أحد الأوّلين، واُخرى بفرض العكس: كما لو علم إجمالاً بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى، ثمّ علم أنـّه لا منشأ لنجاسة الملاقي إلّا نجاسة ذلك الملاقى، فتكوّن بذلك العلم الإجمالي بنجاسة الملاقى أو طرفه، وثالثة يفرض أنّ العلمين في عرض واحد، كما لو أخبره المعصوم ابتداءً بأنـّه إمـّا هذان الشيئان ـ الملاقي والملاقى ـ نجسان أو ذاك الشيء الآخر نجس، ففي الفرض الثالث ينجّز العلمان في عرض واحد، وفي الفرضين الأوّلين ينحلّ العلم المتأخّر رتبة بالعلم الآخر حكماً.

وقد مضى في التنبيه الخامس أنّ الانحلال الحكمي له مسلكان عامّان: أحدهما: ما ذهب إليه المحقق العراقي (رحمه الله): من أنـّه إذا تنجّز أحد الطرفين بمنجّز آخر سقط العلم الإجمالي عن التأثير؛ لأنّ معلومه غير قابل للتنجّز به على كلّ تقدير؛ لأنـّه منجّز بمنجِّز آخر(2). والثاني: الانحلال بملاك كون الأصل في أحد الطرفين غير مبتلىً بالمعارض.


(1) راجع نهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 357 ـ 359، والمقالات: ج2، ص 93 ـ 94.

(2) على فرق بينما إذا فرض أحد التنجيزين أو العلمين في طول الآخر، وما إذا فرضا عرضيين مع كون النسبة بين ما ينجّزه المنجز الآخر، لو كان علماً إجماليّاً، مع أطراف العلم الإجمالي الذي يفترض انحلاله عموماً مطلقاً، لا عموماً من وجه، وهو أنـّه في الفرض الأوّل يسقط العلم الإجمالي عن العلّيّة للتنجيز نهائياً؛ لأنّ المنجّز بما هو منجّز لا يقبل التنجيز، وفي الفرض الثاني يتحوّل العلم الإجمالي إلى جزء علّة، فيسقط عن التأثير بالنسبة للفرد الآخر الخارج عن تحت المنجّز الآخر. راجع بصدد استيعاب البحث ما مضى من التنبيه الخامس هنا، مع ما مضى من بحث الانحلال الحكمي لدى مناقشة الأخباريين في الدليل العقلي على الاحتياط.