المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

266

طرف الملاقى، وإلّا لوقع التعارض بين ذاك الأصل وأصالة الطهارة في الملاقي، فهذا الوجه لا يتمّ إلّا بعد فرض تماميّة هذه الاُمور الأربعة.

أمـّا الأمر الأوّل ـ وهو القول بالاقتضاء دون العلّية ـ، فهو الأمر الوحيد من هذه الاُمور الأربعة في كونه تامّاً على ما عرفت فيما سبق من عدم كون العلم الإجمالي علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، وأنـّه لا يكون مقتضياً لذلك.

وأمـّا الأمر الثاني ـ وهو كون الأصل الطولي في منجىً عن المعارضة ـ، فقد أورد عليه السيّد الاُستاذ بإيرادين(1):

الأوّل: أنّ الأصل الطولي ليس في طول ما يعارضه، وإنـّما هو في طول الأصل الآخر، فلا ينجو عن المعارضة بتعدّد الرتبة؛ لأنّ معارضه في عرضه، فيتعارضان ويتساقطان.

والثاني: أنّ تعدّد الرتب لا أثر له في المقام؛ لأنّ الاُصول في المقام ليست من الأحكام العقليّة التي تحدّدها الرتب، ويكون ظرفها الرتب، وإنـّما هي أحكام شرعيّة ظرفها الزمان، فإنْ اجتمع أصلان في طرفي العلم الإجمالي في زمان واحد فلا محالة يتعارضان ويستاقطان، وكون أحدهما متأخّراً عن الآخر رتبةً لا يؤثّر شيئاً في المقام.

أقول: إنّ كلّ واحد من الإشكالين في المقام غير صحيح:

أمـّا الأوّل: فقد مضى في التنبيه الثاني من تنبيهات العلم الإجمالي ذكر وجوه لصيرورة الأصل الذي في طول أحد الأصلين ويخالفه الآخر في منجىً عن المعارضة، ومضى إبطال أكثرها، وأنّ بعضها صحيح فنّاً وأنـّه لا يرد عليه إشكالُ: أنّ الأصل الآخر في عرضه فيتعارضان ويتساقطان، فما رامه السيّد الاُستاذ هنا من إبطال القول بكونه في منجىً عن المعارضة بالفنّ من ناحية كون الأصل الآخر في عرضه، غير صحيح.

نعم مضى منّا هناك: أنّ ذاك الوجه الصحيح فنّاً غير تامّ عرفاً، وأنّ العرف لا يتحصّل عنده من كلام المولى في مثل المقام شيء، فلا يمكن التمسّك في إجراء الأصل بظاهر كلام المولى، وعليه فنحن متّفقون مع السيّد الاُستاذ بحسب النتيجة في بطلان هذا الأمر الثاني، وإن خالفناه في وجه البطلان.

وأمـّا الثاني: فأصل ما ذكره السيّد الاُستاذ من أنّ الأحكام الشرعيّة زمانيّة،


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 267 ـ 268، والمصباح: ج 2، ص 417 ـ 418.