المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

260

وسعتها أمرٌ زائدٌ على أصل النجاسة، حاله حال فرض نجاسة مستقلّة، فإنْ كانت الثانية لا تتنجّز بالعلم الأوّل، فكذلك السعة والزيادة لا تتنجّز به.

وثانياً: أنّ مصبّ التنجيز بتعلّق العلم به بحسب الحقيقة، هو حرمة شرب النجس، أو التوضّوء به، أو الصلاة فيه، لا نجاسته، ولو سلّمنا أنّ نجاسة الملاقي متّحدة مع نجاسة الملاقى فمن الواضح أنّ حرمة الملاقي حكم آخر غير حرمة الملاقى، وطرف العلم الإجمالي الأوّل كان هو الحكم الأوّل دون الثاني.

نعم، هنا تفسير آخر للانبساط، يتمّ بناءً على القول بالتنجيز بالعلم الإجمالي الأوّل، إلّا أنّ الانبساط بهذا التفسير ليس إلّا خيالاً شعرياً، وذلك عبارة عن أنْ يقال: إنّ الشريعة أمرتنا بالاجتناب عن النجس، وإنّ الاجتناب عن النجس يكون بمعنىً لا يتحقق إلّا بتركه وترك ملاقيه، وإنّ هذا الاجتناب ليس هو عين التركين أو منطبق عليهما، كي يقال بالانحلال: إلى ما هو طرف للعلم الإجمالي الأوّل، وما ليس طرفاً له، وإنـّما هو أمر بسيط متحصّل بالتركين، والشكّ في أحدهما شكّ في المحصّل، فلا بدّ من ترك الملاقى والملاقي معاً، كي يحصل له القطع بالعمل بما تنجّز عليه من الاجتناب عن النجس.

ولكن لم يرد علينا في الشريعة الأمر بتحصيل عنوان بسيط متحصّل من ترك النجس وترك ما يلاقيه، وإنـّما الذي ورد في الأخبار عبارة عن النهي عن التوضّوء والنهي عن الشرب، ونحو ذلك، ومن المعلوم أنّ عدم التوضّوء به أو عدم شربه مغاير لعدم التوضّوء بملاقيه وعدم شربه، والنهي المتعلّق بهذا غير النهي المتعلّق بذاك(1) .

 

العلم الإجمالي في الملاقي

وأمـّا المقام الثاني ـ وهو تنجيز العلم الإجمالي الثاني بالنجاسة لحرمة الملاقي وعدمه ـ فلا إشكال في عدم تنجيزه إذا حصل بعد خروج طرف الملاقى عن محلّ الابتلاء بانعدامه، أو تطهيره، أو غير ذلك، وإنـّما الكلام يقع في غير هذا


(1) ولو سلّمنا دخول المقام في الشكّ في المحصّل، لزم وجوب الاجتناب عن كل ما احتملنا ملاقاته لنجس متنجز علينا بالعلم الإجمالي أو التفصيلي .