المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

26

التفصيليّ الذي قد يكون أيضاً جهلاً مركّباً، فلا يوجد فرد معيّن في الخارج يطابق المعلوم بالذات تفصيلاً، وإنـّما المقصود بذلك هو بيان ضيق الصورة المعلومة بالذات وأنـّها بمقدار الواقع(1)، ومن المعلوم أنّ انتفاء الواقع لا يوجب سعة في الصورة المعلومة بالذات، ولذا يقال في العلم التفصيليّ بلا إشكال: إنـّه متعلّق بالواقع في قبال تعلّقه بالجامع، ولو لم يكن المعلوم موجوداً في الخارج أصلاً؛ لأنّ الصورة المعلومة بالذات لا تتّسع بعدم وجود المعلوم بالذات، وكذلك الحال في العلم الإجماليّ، فالصورة المعلومة بالإجمال إن لم ترمز إلى فرد معيّن في الواقع، إمّا لعدم وجوده أصلاً، أو لكون نسبتها إلى الفردين على حدّ سواء، فهذا ليس توسعة في تلك الصورة، كما لو علم محالاً بالجامع فقط، وإنـّما هي باقية على حالها من الضيق.

هذا تمام الكلام في حقيقة العلم الإجماليّ.

 

اقتضاء التنجيز للموافقة القطعيّة

وهنا ننتقل إلى أصل المطلب، وهو أنّ العلم الإجماليّ هل يقتضي التنجيز بمقدار الموافقة القطعيّة، أو لا؟ فعن المحقّق النائينيّ في تقرير السيّد الاُستاذ(2) عدم اقتضائه للتنجيز، وذهب المحقّق العراقيّ(3) والمحقّق الإصفهانيّ(4) ـ ولعلّه المشهور ـ إلى اقتضاء التنجيز، والصحيح هو عدم التنجيز إلاّ في قسم من الشبهات الموضوعيّة. ولا يخفى أنـّنا إنـّما نتكلّم هنا بناءً على قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)،


(1) يبدو أنّ المحقّق العراقيّ (رحمه الله) يدّعي أكثر من ذلك، فهو لا يدّعي فقط ضيق الصورة المعلومة بالذات، بل يدّعي ـ أيضاً ـ انطباقها على أحد الفردين المعيّن في الواقع والمجهول لدينا، ولذا يرى أنّ امتثال أحد الفردين لا يكفي، وذلك لعدم إحراز كونه هو المطابق للمعلوم بالإجمال، وهذا الكلام غير معقول في فرض كون نسبة العلم الإجمالي إلى الطرفين على حدّ سواء، بحيث لا يمكن لعلاّم الغيوب أيضاً أن يعيّن معلومنا الإجماليّ.

(2) ج2، ص245 .

(3) راجع المقالات: ج2، ص87، ونهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 307 - 310.

(4) راجع نهاية الدراية: ج2، ص343 - 344، وص32 - 33 .