المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

205

الضرر الخارجي الناشىء من الشريعة، وبيّنا أنّ القاعدة تجري في مورد الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجماليّ، وأنـّها لا تنفي الحكم، وإنـّما تنفي عدم الترخيص في بعض الأطراف، وتنقيح الكلام في هذا المقام مضى هناك فلا نعيده.

وأمـّا المقام الثاني: فقد مضى في القسمين الأوّلين ما ذكره المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) من منافاة الترخيص للحكم الواقعيّ، ومضى أنّ المحقّق العراقيّ (قدس سره)فسّر المنافاة بلحاظ كون العلم الإجماليّ علّة تامّة للتنجيز، قد أجبنا عنه بأنّ عدم تنجّز الموافقة القطعيّة هنا إنـّما يكون مستنداً إلى انتفاء جزء آخر من أجزاء علّة التنجز وهو القدرة، ولا يكون ذلك نقصاً في كون العلم الإجمالي علّة تامّة لأثره، إلّا أنّ ذلك الجواب لا يأتي هنا؛ لأنّ القدرة العقليّة، وكذا الشرعيّة موجودة هنا، فيقع التنافي بناءً على العلّيّة بين الترخيص والحكم الواقعيّ، ويتأتّى ـ عندئذ ـ ما مضى من أنّ التنافي هل هو مع أصل الحكم الواقعي فيرتفع رأساً، أو مع إطلاقه فيحصل التوسّط في التكليف؟

هذا. وبما أنـّنا لا نؤمن بعلّيّة العلم الإجمالي لوجوب الموافقة القطعيّة، فعلينا أنْ نغيّر صيغة الإشكال المؤدّي إلى القول بالتوسّط في التكليف بأن نقول بدلاً عن الاعتماد في إثبات التنافي بين الترخيص والتكليف المعلوم إجمالاً في المقام على علّيّة العلم الإجماليّ للتنجيز: إنّ المفروض لدى إجراء قاعدة نفي الحرج في المقام، هو البناء على مبنى الشيخ الأعظم من أنّ المرفوع هو التكليف الناشىء منه الحرج؛ إذ لو كنّا نبني على مبنى المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) من نفي الموضوع الحرجيّ بلحاظ نفي حكمه، لما انتهينا إلى جريان قاعدة نفي الحرج في المقام، وإذا بنينا على أنّ المرفوع هو التكليف الناشىء منه الحرج، وقعت المنافاة بين نفي الحرج والتكليف المعلوم بالإجمال في المقام، وبذلك يرتفع التكليف، فيأتي الكلام في أنـّه هل ارتفع أصل التكليف أو إطلاقه، ويتعيّن الثاني، وهو ارتفاع إطلاق التكليف تمسّكاً في أصل التكليف بدليل ذلك التكليف، وثبوته من دون إطلاق لا يوجب الحرج، فيتّجه هنا التوسّط في التكليف.

إلّا أنـّنا حيثُ اخترنا في تلك القاعدة أنـّها تجري في أطراف العلم الإجمالي، وتنفي عدم الترخيص في بعض الأطراف، لا التكليف، فنحن نلتزم هنا ـ أيضاً ـ بالتوسط في التنجيز.