المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

204

والعلم، يأتي هنا ما ذكرناه من لحوقه بالقسم الأوّل، وتأتي شبهة استصحاب كلّيّ التكليف، ويأتي الجواب بأنّه مردّد بين ما يقبل التنجيز وما لا يقبله؛ وذلك لأنّ التكليف في الطرف المضطرّ إليه وان كان العبد غير عاجز عنه عقلاً أو شرعاً حتّى يخرج عن دائرة حقّ المولويّة من هذه الناحية، لكنّه قد وصل إلى العبد الترخيص الشرعيّ فيه، والتكليف الذي يصل إلى العبد الترخيص الشرعيّ في خلافه ليس من حقّ المولى عليه امتثاله.

وأمـّا الاضطرار إلى غير المعيّن، كما لو كان كلا الطرفين ماءً، وهو مضطرّ إلى شرب الماء بدرجة الضرر والحرج، فهنا يكون الكلام في مقامين: أحدهما: في أنّ هذا الاضطرار هل يوجب الترخيص، أوْ لا ؟ والثاني: في أنّ هذا الترخيص إن ثبت هل يكون حاله حال الترخيص في القسمين الأوّلين، أو لا؟

أمـّا المقام الأوّل: وهو في جريان دليل نفي الضرر والحرج عند الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي لا بعينه، فهذا ما مضى تفصيل الكلام فيه في بحث الانسداد، حيث إنّ المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله)بنى هذه المسألة هناك على كون مفاد دليل نفي العسر والحرج والضرر نفي الحكم الناشىء منه الحرج، كما هو مبنى الشيخ الأعظم (قدس سره) أو نفي الموضوع الحرجيّ بلحاظ نفي حكمه، فعلى الأوّل تجري القاعدة؛ لأنّ الحكم المعلوم بالإجمال حكم حرجيّ نشأ منه العسر والحرج ولو بواسطة إجماله وعدم تعيّنه، وعلى الثاني لا تجري؛ لأنّ موضوع الحكم الشرعيّ ليس فيه أيّ حرج وضرر، وما يكون في الإتيان به حرج وضرر هو تمام الأطراف الذي هو موضوع حكم العقل، والقاعدة إنما تحكم على الأحكام الشرعية لا الأحكام العقليّة .

هذا ما ذهب اليه المحقّق الخراسانيّ (رحمه الله) .

وقد يقال: إنّ هنا إشكالاً في رفع الحكم الشرعيّ بالقاعدة، حتى بلحاظ مبنى الشيخ الأعظم (رحمه الله) ، وهو أنّ الحكم الشرعيّ هنا إنـّما يكون منشأ للحرج إذا قلنا: إنّ العلم الإجماليّ علّة تامّة لوجوب الموافقة القطعيّة، وإلّا فالجزء الأخير لعلّة الحرج والضرر هو عدم الترخيص في بعض الأطراف، والقاعدة إنـّما تنفي الأحكام الوجوديّة الحرجيّة، لا عدم الحكم الحرجيّ من قبيل عدم الترخيص في المقام.

وعلى أيّة حال، فقد قلنا هناك أنّ الصحيح عندنا مبنىً آخر في القاعدة، غير مبنى الشيخ الأعظم، ومبنى المحقّق الخراسانيّ (قدس سرهما) وهو أنّ دليل نفي الضرر ينفي