المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

202

وقد تحصل من تمام ما ذكرناه أنّ الصحيح هو التوسط في التنجيز، وبعد التنّزل عنه بفرض المضادّة بين الترخيص والتكليف الواقعي في الجملة تصل النوبة إلى التوسط في التكليف، وأمـّا عدم التنجيز رأساً فضعيف جداً.

 

 


أنْ يقولَ بمثل ذلك فيما نحن فيه أيضاً أو لا؟

الواقع هو أنـّنا لو أخذنا بالمحذور الثبوتي، الذي ذكره في نهاية الأفكار، فهذا لا يوجب بالضرورة القول بذلك فيما نحن فيه أيضاً، لأنّه لو قيد تحريم النجس مثلاً في المقام، بفرض شرب الماء الآخر لم يلزم منه محذور الأمر بضدين، أي أنّ ذاك المحذور الثبوتي غير موجود هنا، ولو أخذنا بالمحذور الإثباتي الذي ذكره في المقالات، فمن الضروري أنْ يقال بمثل ذلك في المقام أيضاً، لأنّ التقييد في المقام أيضاً خلاف أصالة الإطلاق.

وبهذا العرض اتّضح أن المحقّق العراقي (رحمه الله) لا يرى الأمر الذي يسدّ بعض أبواب العدم لا جميعه خطاباً جديداً حتى يقال في مقابله في المقام: إنّ بقاء الخطاب الأوّل لا محذور فيه وأنّ المتيقن هو سقوط إطلاق الخطاب الأوّل، ولكنْ لا وجه لفرض سقوط أصله، فلا نحتاج إلى اكتشاف هذا الخطاب الجديد، بل يرى أنّ هذا الخطاب هو نفس الخطاب السابق، ولذا يرى في المقالات أنـّه لا داعي إلى ارتكاب محذور التقييد، ما دام يمكن فرض الخطاب ناقصاً، أمـّا لو فرض خطاباً جديداً، فمن الواضح أنّ محذوره الإثباتي اشدّ من محذور التقييد، وعليه فليست المسألة في نظره (رحمه الله) داخلة في استكشاف الملاك، بعد سقوط الخطاب من باب عدم استتباع الدلالة الالتزمية للمطابقية في الحجّية.

ولم يكن له نظر أصلاً إلى العدول عن التقييد إلى الطلب الناقص، بنكتة الفرار من إشكال الوجوب المطلق إلى الوجوب المشروط، المستتبع للشكّ البدوي، وعدم التنجّز، أو إشكال عدم صحة تقييد التكليف باختيار المكلّف.