المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

20

وبرهن المحقّق الإصفهانيّ على أنّ العلم الإجماليّ علم بالجامع مع شكوك في الأفراد بأنّ العلم إمّا أنـّه لا يتعلّق بشيء، أو يتعلّق بالجامع، أو يتعلّق بالفرد بحدّه الشخصيّ مردّداً، أو بالفرد المعيّن.

أمـّا الأوّل وهو عدم تعلّق العلم بشيء، فباطل، فإنّ العلم من الأوصاف ذات الإضافة.

وأمـّا الثالث، فقد فرغنا عن بطلانه.

وأمـّا الرابع، فمن الواضح أنـّنا لا نعلم بأحد الفردين معيّناً، فلا نقطع بوجود زيد مثلاً في المسجد، ولا بوجود عمرو فيه.

فتعيّن أنّ العلم متعلّق بالجامع بينهما، وقال(1) (رحمه الله): إنـّنا نعلم بشيئين: نعلم بوجود إنسان في المسجد، وهو الجامع، ونعلم ـ أيضاً ـ أنّ ذاك الإنسان ليس غير زيد وعمرو، وهو (قدس سره) وإن عبّر بوجود علمين في المقام، لكن ـ في الحقيقة ـ يوجد علم واحد متعلّق بإنسان ليس غير زيد وعمرو(2)، فلا يقال: قد نحتمل أو نعلم بوجود شخص آخر أيضاً.

ويمكن إقامة صورة برهان أيضاً في قبال هذا البرهان، وهي أنـّنا وإن كنّا نعلم بوجود الجامع في المسجد، لكنّنا نعلم ـ أيضاً ـ بشيء زائد على هذا، فإنـّنا عرفنا في المنطق أنّ الجامع لا يوجد إلاّ في ضمن خصوصيّة الفرد، ولا يوجد مستقلاّ ً عن الأفراد، فنعلم ـ لا محالة ـ أنّ هذا الجامع ليس باستقلاله موجوداً في المسجد، بل توجد خصوصيّة في المسجد، فقد تعدّى علمنا من الجامع إلى خصوصيّة زائدة، ثمّ ننقل الكلام إلى تلك الخصوصيّة الزائدة التي تعلّق بها العلم، فنقول: هل هي ـ أيضاً ـ جامع أو جزئيّ؟ فإن فرضت جامعاً أعدنا البرهان، وقلنا: إنـّه لا يوجد إلاّ في ضمن خصوصيّة ... وهكذا إلى أن يتسلسل وهو مستحيل، أو ينتهي الأمر إلى الفرد، فالعلم يتعلّق بالفرد لا بالجامع.

وكأنّ ما ذكره المحقّق الإصفهانيّ (قدس سره) من أنـّنا نعلم ـ مضافاً إلى الجامع ـ بأنّ هذا الجامع ليس غير زيد وعمرو علاجٌ لهذا المطلب، أي: ما يرى من أنّ العلم تعدّى من الجامع إلى شيء زائد على الجامع، ولكنّ هذا الشيء الزائد إن كان بنفسه جامعاً


(1) في نهاية الدراية: ج 2، ص 242.

(2) وهو المستفاد ممّا في نهاية الدراية: ج 2، ص 202.