المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

186

الثاني إمـّا أنـّه غير جار لعلمه بذلك الحكم في ذلك الزمان إثباتاً أو نفياً، أو أنـّه جار بشكل غير معارض؛ لعدم كونه بلحاظ احتمال الانطباق الذي هو عدل احتمال الانطباق الحاليّ؛ لأنّ المفروض تبدّل العلم الإجماليّ في ذلك الظرف إلى العلم التفصيليّ، والشكّ البدوي، فالآن له أن يجري الأصل في هذا الطرف، ويخالف الحكم الأوّل المحتمل، ثمّ يأتي عليه زمان الحكم الثاني، فيرى ماذا حصل له من تغيّرالحال، فإن رأى أنـّه صار عالماً بثبوت الحكم الثاني، أو بانتفاءه، عمل وفق عِلمه، وإنْ رأى أنـّه صار شاكّاً في ذلك بالشكّ البدويّ نفاه بالأصل، وإنْ تبيّن له أنّ ما كان يتخيّله ـ من أنـّه سوف ينحلّ علمه الإجماليّ ـ كان اشتباهاً، وبقي علمه الإجماليّ على حاله، فأيضاً لا بأس بأنْ يجري الأصل، ويترك العمل بهذا الحكم؛ لأنّ العلم الإجماليّ في الزمان الأوّل لم يؤثّر في تنجيز الطرفين، والآن يكون علماً إجمالياً مردداً بين ما مضى وقته وما لم يمض ِ وقته، فالآن ـ أيضاً ـ لا أثر له.

إنْ قلت: إنـّه بعد أنْ رأى بقاء العلم الإجماليّ انكشف له أنّ الأصل في الزمان الأوّل كان جزءاً من الترخيص في المخالفة القطعيّة، فبناءً على مبنى الأصحاب من قبح الترخيص في المخالفة القطعيّة قد انكشف: أنّ هذا كان جزءاً من القبيح فلم يكن جارياً.

قلت: المفروض أنـّه في الزمان الأوّل كان يقطع بأنّ هذا الأصل ليس جزءاً من الترخيص في المخالفة القطعيّة، فلم يكن قبيحاً وترخيصاً في القبيح، فإنّ القبيح هو المخالفة القطعيّة الواصلة بالعلم أو بمطلق الوصول.

وأمـّا القسم الثالث: فالعلم الإجمالي فيه منجِّزٌ بناءً على أنّ الوجه في عدم جريان الاُصول في الأطراف هو حكم العقل بقبح الترخيص في المخالفة القطعيّة، فإنـّه ـ عندئذ ـ يشكّ في أنّ جريان الأصل في الطرف الفعليّ هل هو جزء من القبيح أو لا؟ وقد تقيّد دليل الأصل بأنْ لا يلزم من إجرائه الترخيص في المخالفة القطعيّة في أطراف العلم الإجمالي، فالتمسّك بدليل الأصل هنا يكون تمسّكاً بالعامّ في الشبهة المصداقيّة بناءً على ما لا يبعد أنْ يقال ـ على القول بقبح الترخيص في المخالفة القطعيّة ـ من أنـّه يكفي في قبحه كونها واصلة ولو احتمالاً، وأقول: (لا يبعد) لأنـّي لم أدركْ أصل قبح الترخيص في المخالفة القطعيّة.

ولا يتوهّم أنّ هذا البيان بعينه يجري في القسم الثاني؛ إذ يحتمل أنّه سوف يشكّ بدويّاً في الطرف الآخر، وينفيه بالأصل، فيلزم نفي كلا الطرفين بالأصل، فإنـّه