المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

185

فالأصل النافي للحكم الثاني بلحاظ زمانه معارض للأصل النافي للحكم الأوّل بلحاظ زمانه.

هذا، والنكتة في كلّ ما ذكرناه هي تعاصر العلم الإجماليّ لكلا الحكمين، سواء فرض علماً إجماليّاً واحداً، كما كان هو المفروض حتى الآن، أو فرض علمين، كما لو علم إجمالاً بثبوت حكم عليه: إمـّا في اليوم الأوّل أو في اليوم الثالث، وعلم أنـّه سوف يزول علمه الإجمالي في اليوم الثاني، ويرجع في اليوم الثالث، فالطرفان في مثل هذا الوجه يتنجّزان.

ولا يقال: إنّ العلم الأوّل ليست له قابليّة تنجيز الحكم الثاني، والعلم الثاني ليست له قابليّة تنجيز الحكم الأوّل، فيسقط كلاهما عن التأثير.

فإنـّه يقال: إنّ غاية الأمر هي كون تأثير العلم الإجماليّ مشروطاً بقابلية المعلوم بالإجمال للتنجيز في أيّ واحد من الطرفين، ولا يلزم أنْ يكون ذلك بعلم واحد، بل العلم الأوّل ينجّز الطرف الأوّل، والعلم الثاني ينجّز الطرف الثاني، أو تقول: إنّ الأصلين في الطرفين ينفي كلّ واحد منهما بلحاظ زمان مجراه احتمال انطباق التكليف المعلوم بالإجمال، ويلزم من ذلك الترخيص في المخالفة القطعيّة القبيح عقلاً، أو المناقض للغرض الإلزاميّ عقلائيّاً، فيتعارضان ويتساقطان.

بقي في المقام شيء وهو أنـّه إذا علم الشخص بوجوب أحد شيئين عليه، مع تأخّر أحد الحكمين، فتارةً يفرض له العلم بأنـّه سيبقى له هذا العلم الإجماليّ التدريجيّ إلى زمان الحكم الآخر، واُخرى يفرض له العلم بأنـّه سوف يزول منه هذا العلم الإجمالي، فهو يدري على سبيل الترديد أنـّه تحصل له إحدى حالات ثلاث: فإمـّا تظهر له حال الحكم الآخر ويعلم بثبوته، أو تظهر له حاله، ويعلم بعدم ثبوته، أو يخرج عن طرفيّته للعلم الإجماليّ، ويشكّ فيه شكّاً بدويّاً بأن يعلم تفصيلاً بثبوت الحكم الأوّل، ويشكّ بدويّاً في ثبوت الحكم الثاني، وثالثة يفرض له الشكّ في أنـّه هل سيبقى له هذا العلم الإجماليّ، أو يزول، فهذه ثلاثة أقسام:

أمـّا القسم الأوّل: فهو القدر المتيقّن ممّا مضى من منجّزيّة العلم الإجماليّ في التدريجيّات.

وأمـّا القسم الثاني: فالصحيح هو عدم منجّزيّة العلم الإجماليّ فيه؛ لأنّ الأصل في طرف الحكم الأوّل ليس له معارض بحسب اعتقاد العالم؛ لأنّ الأصل في طرف الحكم الثاني بلحاظ زمان الحكم الأوّل غير جار؛ إذ لا أثر له، وبلحاظ زمان الحكم