المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

180

 

 

 

العلم الإجماليّ في التدريجيّات

 

التنبيه الثامن: في العلم الإجمالي في التدريجيّات.

لو علم إجمالاً بأحد حكمين، أحدهما: بلحاظ الزمان الحاضر، والآخر: بلحاظ الزمان المستقبل، من قبيل علم المرأة إجمالاً بحيضها في هذا الزمان، فيحرم عليها الدخول في المسجد مثلاً بالفعل، أو في الزمان الآتي فيحرم عليها ذلك في الوقت الآتي، فهل يكون مثل هذا العلم الإجمالي منجّزاً، أو لا؟

إنّ ارتباط الحكم بالزمان المستقبل تارةً يكون بمعنى كونه استقباليّاً خطاباً وملاكاً، واُخرى بمعنى كونه استقباليّاً خطاباً، كما لو علم بوجود الملاك بالفعل في العمل الكذائيّ الاستقباليّ، ولكن رأينا أنـّه ليس الخطاب ثابتاً الآن ولو من باب القول باستحالة الواجب المعلّق، وثالثة بمعنى تأخّر زمان الواجب وإن كان الملاك والخطاب ثابتاً بالفعل، وذلك إذا قلنا بإمكان الواجب المعلّق، ورابعة بمعنى أنّ المكلّف يقصد صدفةً تأخير امتثاله.

ونحن نتكلّم أوّلاً في القسم الأوّل، فإن ثبتت فيه منجّزيّة العلم الإجماليّ، فلا إشكال في منجّزيّته في الأقسام المتأخّرة، وإلّا وصلت النوبة إلى البحث عن الأقسام المتأخّرة.

وبما أنـّنا سوف نثبت التنجيز في هذا القسم، فلا تصل النوبة إلى البحث عن سائر الأقسام، ونقصر البحث على هذا القسم، فنقول:

إنّ هنا شبهة في منجّزيّة هذا العلم الإجماليّ تنشأ من الصيغة المذكورة في مقام بيان ضابط منجّزيّة العلم الإجماليّ، وهي أنّ العلم الإجمالي إنـّما يكون منجِّزاً إذا كان متعلّقاً بحكم فعليّ على كلّ تقدير، فيقال فيما نحن فيه: إنـّه لم يتعلّق العلم بحكم فعليّ عل كلّ تقدير؛ إذ لو حرم عليها الدخول في المسجد الآن مثلاً ـ لكونها حائضاً ـ فهذا حكم فعلي قابل للتنجيز بحكم العقل، ولو كان يحرم عليها الدخول فيما بعد، فهذه الحرمة غير فعليّة الآن، وغير قابلة للتنجيز فعلاًبحكم العقل، والجامع بين القابل للتنجيز وغير القابل له غير قابل للتنجيز.

وهذه الشبهة دعت الشيخ الأعظم إلى القول بعدم التنجيز في بعض الشقوق ـ