المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

17

السالبة بانتفاء الموضوع، وهو التكليف ـ غير صحيح على ما هو المسلّم بيننا وبينه، من أنّ التكليف بوجوده الواقعيّ ليس موضوعاً للعقاب، ولذا لا يفرّق بين المتجرّي والعاصي في مناط العقاب.

وثالثاً: لو سلّمنا كون احتمال العقاب بنفسه مقتضياً للتنجّز، قلنا: كيف فرض في المقام الفراغ عن مقتضي التنجيز، وأنّ البحث يجب أن يكون عن المانع؟ وأيّ شيء جعله أساساً في المقام؟ هل هو كبرى قاعدة منجّزيّة احتمال العقاب، أو صغرى ثبوت البيان؟

فإن جعل الأساس كبرى قاعدة منجزيّة احتمال العقاب، فاستغنى عن البحث عن اقتضاء العلم الإجماليّ، فكيف صحّ له جعل هذه القاعدة أساساً في المقام، مع أنّ المفروض تقدّم قاعدة ثانويّة عليها، وهي قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، ففي العلم الإجماليّ لا بدّ أن نبدأ البحث من هنا، لا من قاعدة محكومة لهذه القاعدة، فيجب أن يتكلّم أوّلاً في مقدار بيانيّة العلم الإجماليّ، وكيفيّة الخروج به عن هذه القاعدة الثانويّة واقتضائه للتنجيز.

وإن جعل الأساس صغرى ثبوت البيان التي تفني موضوع ما أشرنا إليه من القاعدة الحاكمة، فعندها تكون قاعدة منجّزيّة احتمال العقاب غير محكومة، فالكلام يكون في نفس هذه الصغرى، ومقدار بيانيّة العلم الإجماليّ، ولا معنىً لغضّ النظر عنها، وفرضها أساساً مفروغاً عنه بحدوده.

وعلى أيّة حال فنحن نعقد البحث هنا في مقامات ثلاثة:

الأوّل: في اقتضاء العلم الإجماليّ للتنجيز وإن كنّا لا نحتاج على مسلكنا إلى البحث عن ذلك؛ لكفاية اقتضاء نفس الاحتمال للتنجيز.

الثاني: في مانعيّة العلم الإجماليّ ثبوتاً أو إثباتاً عن إجراء الاُصول في تمام الأطراف.

الثالث: في مانعيّته ثبوتاً أو إثباتاً عن جريانها في بعض الأطراف.

والحاجة إلى البحث عن هذين المقامين الأخيرين ثابتة حتّى على مبنانا من مبدأ منجّزيّة الاحتمال.