المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

150

 

 

 

انحلال العلم الإجمالي

 

التنبيه الرابع: في انحلال العلم الإجماليّ، وذلك: إمـّا بعلم وجداني آخر تفصيلي، أو إجمالي أصغر، وإمـّا بحجّة شرعية أو عقلية:

أمـّا الانحلال بالعلم الوجداني انحلالاً حقيقياً أو حكمياً، فقد مضى البحث عنه مُفصّلاً لدى حديثنا مع الأخباريين في وجوب الاحتياط في الشبهات وعدمه، فلا نعيده.

ونشير هنا إلى ما هو المختار الذي نقّحناه هناك: فبالنسبة للانحلال الحقيقي فصّلنا بين ما إذا كانت نسبته سبب العلم الإجماليّ إلى الأطراف على حدّ سواء، كما في تراكم احتمالات الأطراف، أو البرهان على عدم اجتماع أمرين، فيثبت الانحلال، وما إذا لم تكن نسبته إليها على حدّ سواء، فلا يثبت الانحلال.

وحيث يتمّ الانحلال الحقيقي يشترط فيه عدم تأخّر المعلوم التفصيلي عن المعلوم الإجماليّ على ما مضى بحثه.

وبالنسبة للانحلال الحكمي قد قلنا هناك: إنـّه بلحاظ الأصل الشرعي يثبت الانحلال؛ إذ لا معارض للأصل في الطرف غير المعلوم تفصيلاً، وأمـّا بلحاظ قاعدة (قبح العقاب بلا بيان) فقد مضى أيضاً: أنـّه إن بني على أنّ العلم الإجماليّ ينجّز الواقع ولو بمقدار إضافته إلى الجامع، تعقل دعوى تنجيز العلم الإجماليّ في المقام، وإن بني على أنـّه ينجّز الجامع لا يكون للعلم الإجماليّ أثر زائد، إذ ما عدا الواحد داخل تحت التأمين، وواحد معيّن منجّز بالعلم الإجماليّ التفصيلي.

هذا. والمتعيّن بناءً على القول بقاعدة (قبح العقاب بلا بيان) حرفياً هو الأخير، لعدم تماميّة البيان بأزيد من مقدار الجامع، فلابدّ من الانحلال.

وأمـّانحن فحيث ننكر قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، فلا ثمرة لنا في البحث عن الانحلال الحكمي بقطع النظر عن الأصل الشرعي؛ إذ لو وجد أصل شرعي بلا معارض، قلنا بالانحلال ولو بلحاظ هذا الأصل الشرعي، وإلاّ فإنّ نفس الاحتمال في الطرف الآخر يكفي للتنجيز.