المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

143

اتّفاقي، قد يتّفق وقد لا يتّفق، فلو علم مثلاً شخص إجمالاً بنجاسة إناء بنحو الشبهة غير المحصورة في بلد ليس من الحرج عليه ترك الذهاب إليه، وترك جميع أوانيه، فكيف يستدل بنفي الحرج على الترخيص في ذلك؟!

نعم، قد يلزم الحرج من كثرة الأطراف، لكنّه ليس بنحو الملازمة، بل هو اتّفاقي، كما يتّفق الحرج مع قلّة الأطراف أيضاً، وهذا بخلاف ما ذكرناه من الوجهين من عدم ارتكاز المناقضة والاطمئنان، فإن كلّ واحد منهما يكون لازماً لبعض درجات كثرة الأطراف، ولزوم العسر والحرج ليس كذلك، بل أنّ ما ذكره المحقق النائيني (قدّس سرّه) من عدم القدرة على المخالفة القطعيّة أيضاً، ليس لازماً لبعض درجات الكثرة بعنوانها بقطع النظر عن الخصوصيات الخارجية، فقد يملك الإنسان مثلاً ألآف الأواني، وعلم إجمالاً بنجاسة واحد منها، وهو قادر على مساورة الجميع ولو في طول سنوات كثيرة، فليست الشبهة غير المحصورة بعنوانها ضابطاً لجريان الأصل، إلاّ أن يكون مقصوده (قدّس سرّه) أنّ الغالب، بالنسبة للعلوم الإجمالية، هو أنـّه في كلّ مورد مورد توجد خصوصيات وملابسات، بحيث يكون بعض درجات الكثرة فيه مستلزم لعدم القدرة على المخالفة القطعيّة، فيقول بعدم تنجيز العلم الإجماليّ في الشبهة غير المحصورة، في غير الموارد النادرة، ويجعل عنوان الشبهة غير المحصورة إشارة مثلاً إلى تلك الموارد الغالبة، والكثرة بعنوانها ليست ملازمة لعدم التنجيز، كما كان ذلك على الوجهين المختارين.

بقي هنا اُمور:

الأوّل: أنـّه هل المخالفة القطعيّة في الشبهة غير المحصورة جائزة، كترك الموافقة القطعيّة أو لا؟

يختلف ذلك باختلاف مدارك عدم التنجيز.

فإن كان المدرك هو الإجماع، فالمقدار الذي يثبت ابتداء هو جواز ترك الموافقة القطعيّة؛ لأنـّه القدر المتيقن من الإجماع الذي هو دليل لبيّ، وعندئذ تدخل المسألة تحت فرض ثبوت الترخيص في بعض أطراف العلم الإجماليّ لا بعينه، فإن قلنا: إنّ ذلك مستلزم لثبوت الترخيص في الجميع، قلنا به هنا، وإلاّ فلا.

وإن كان المدرك نفي الحرج، فأيضاً المقدار الذي يثبت ابتداءً هو جواز ترك الموافقة القطعيّة، فإنّ الحرج ينتفي بما هو دون المخالفة القطعيّة، وعندئذ يبتني جواز المخالفة القطعيّة وعدمه على ما يختار في مسألة الاضطرار إلى بعض الأطراف لا بعينه.