المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

139

تكوّنه قد انعكس على مرحلة انكشافه، ومع هذا النقص وعدم إطلاق الانكشاف يستحيل أن يكون مجموع الانكشافات مساوقاً لانكشاف المجموع، حتى تتشكّل سالبة كلّية، والتي هي نقيض الموجبة الجزئية.

وأمـّا محمولها، وهو حجّيّة هذا الاطمئنان في المقام، فالإشكال الموجود في ذلك هو تعارض هذه الاطمئنانات في الحجّيّة؛ للعلم الإجماليّ بالخلاف، كتعارض سائر الأمارات عند حصول العلم الإجماليّ بالخلاف، وتساقطها كتساقط سائر الأمارات المتعارضة، وكون الحجّيّة التخييرية على خلاف القاعدة كما هو الحال في سائر الأمارات المتعارضة.

ونحن نتكلّم في حلّ هذا الإشكال على ثلاثة مستويات، نبدأ بالمستوى النازل فنقول:

إنّ بالإمكان دعوى كون الحجّيّة التخييرية في المقام على طبق القاعدة، وفق بناء العقلاء وإن لم يكن الأمر كذلك في سائر الأمارات العقلائية؛ وذلك لأنـّه إذا تعارض خبران لثقتين بالعلم الإجماليّ بكذب أحدهما؛ لإخبار معصوم بذلك مثلاً، فهذا العلم الإجماليّ يجعل الكشف لكلّ من الأمارتين أنقص منه لولا العلم الإجماليّ، ويزيد في النقص الذاتي للكشفين، فكلّ من الأمارتين كان كشفها مثلاً ناقصاً ذاتاً بمقدار (25%)، ثم صار ناقصاً مثلاً بمقدار (50%)، فهذا النقص الإضافي يؤثّر في عدم بناء العقلاء على الحجّيّة التخييرية.

وأمـّا فيما نحن فيه، فالعلم الإجماليّ لا يوجب نقصاً في الاطمئنانات زائداً على النقص الذاتي الذي كان موجوداً فيها، فإنّ هذا العلم الإجماليّ ليس إلاّ تجميعاً لنفس تلك الكسور الضئيلة الثابتة في الاطمئنانات، لنقصها ذاتاً، فإن تلك الكسور هي بنفسها ما ينتج من تقسيم رقم اليقين على عدد الأطراف، فإذا كان هذا العلم الإجماليّ تجميعاً لنفس تلك النقائص، فلا معنى لفرض إيجاب ذلك نقصاً جديداً في الاطمئنانات، فيدّعى بناء العقلاء على الحجّيّة التخييرية فيها.

ثم ننتقل من هنا إلى مستوىً أرفع، وننكر أصل المعارضة بين هذه الاطمئنانات في الحجّيّة، فإنّ تعارض الأمارات بعضها مع بعض إنـّما يكون بإحدى نكتتين:

الاُولى: ما توجد في جميع الأمارات المتعارضة، وهي التكاذب، فلو دلّ خبر على وجوب صلاة الجمعة، والآخر على وجوب صلاة الظهر، ونحن نعلم إجمالاً