المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

138

مستحيل؛ إذ يناقض ذلك العلم الإجماليّ بالنجاسة؛ لأنـّه تتشكل بالجمع بين الاطمئنانات السالبة الكلية، وهي تناقض الموجبة الجزئية التي تعلّق بها العلم الإجماليّ، ولا معنى للقطع بموجبة جزئية مع الاطمئنان أو الظنّ بالسالبة الكلّيّة.

وأجاب هو (قدّس سرّه) عن ذلك: بأنـّنا إنـّما حصل لنا أحد الاطمئنانات على سبيل البدل(1).

أقول: إنّ هذا الجواب بلا توجيه ليس له معنىً معقول.

وعلى أيّة حال، فهذا الاستشكال في موضوع القضية غير صحيح، ولو صَحّ هذا الاستشكال هنا لجاء في الشكّ في الأطراف أيضاً، فإنّ العلم بالموجبة الجزئية لا يجتمع، لا مع العلم بالسالبة الجزئية، أو الاطمئنان بها، ولا مع الظنّ بها، ولا مع احتمالها، مع أنّ العلم بالجامع بنحو الموجبة الجزئية في العلم الإجمالي قرين دائماً لاحتمالات الخلاف في الأطراف.

وتحقيق الكلام في حلّ المطلب هو: أنّ انكشاف كلّ واحد واحد من عدّة اُمور إنـّما يستلزم انكشاف المجموع بمرتبة من الانكشاف، إذا كانت تلك المرتبة من الانكشاف ثابتة في كلّ واحد منها بنحو الإطلاق، أي: حتّى على تقدير مطابقة الانكشاف في الفرد الآخر للواقع، فلو أخبر ثقة بوجود زيد، وثقة آخر بوجود عمرو، انكشف لنا بمرتبة من مراتب الانكشاف وجود كليهما؛ لأنّ انكشاف وجود كلّ واحد منهما بتلك المرتبة مطلق، أي: يكون حتّى على تقدير مطابقة الانكشاف في الفرد الآخرللواقع. وأمـّا الاطمئنانات فيما نحن فيه، فكلّ واحد منها ليس اطمئناناً مطلقاً، حتّى على تقدير مطابقة الاطمئنان الآخر للواقع، وبطلان احتمال النجاسة فيه، وذلك لنقص في نفس تكوّن هذا الاطمئنان، إذ هو تكوّن على أساس احتمالات النجاسة في سائر الأطراف، فإنـّه كلّما كثر الأطراف وانقسم رقم اليقين بالنجاسة عليها، قَلّ ـ لا محالة ـ سهم هذا الطرف من الاحتمال، وحصل الاطمئنان بعدمها فيه، وإذا كان تكوّن هذا الاطمئنان إنـّما هو على تقدير الاحتمال في سائر الأطراف، فيستحيل أن يكون له إطلاق لتقدير بطلان ذلك الاحتمال، فهذا النقص في مرحلة


(1) راجع نهاية الأفكار القسم الثاني:من الجزء الثالث، ص 330.والمقالات:ج 2، ص 89.