المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

132

فالطرف الآخر إمـّا يكون شكّه بقطع النظر عن هذا العلم الإجماليّ شكّاً في المكلّف به، أو يكون شكّاً في أصل التكليف، فإن كان شكّاً في المكلّف به، فهو مجرى أصالة الأشتغال، وبها ينحلّ العلم الإجمالي، ويبطل أثره من الاقتضاء أو العلّيّة، فيجري الأصل في الطرف الآخر على كلّ حال، وإن كان شكّاً في أصل التكليف فهو مجرىً للبراءة، فلا يجري الأصل في الطرف الآخر حتّى على الاقتضاء لمكان المعارضة.

وهذا الكلام غير تام مبنىً وبناءً. أمـّا مبنىً فلما أشرنا إليه من عدم انحلال العلم الإجماليّ بالأصل المثبت في بعض أطرافه، وتقدّم تحقيقه في بحثنا مع الأخباريين في وجوب الاحتياط في الشبهات وعدمه، وأمـّا بناءً فلأنـّه مع كون الشكّ في أحد الطرفين شكّاً في أصل التكليف يوجد - على ضوء ما قدّمناه - موردان لا يجري فيهما الأصل في أحد الطرفين بقطع النظر عن المعارضة:

الأوّل: ما لو كان دليل الأصل فيه ممّا لا ينظر إلى فرض العلم الإجماليّ، كحديث الرفع، ولم يكن ذاك الطرف مورداً لأصل الحلّ أو الاستصحاب، ونحو ذلك، وكان الطرف الآخر مورداً لذلك، فيجري فيه الأصل بلا معارض، بناءً على الاقتضاء، ولا يجري بناءً على العلّيّة.

والثاني: ما لو كان الأصل النافي في أحد الطرفين مسانخاً لأصل ناف في الطرف الآخر، وكان يوجد في الطرف الآخر أصل ناف غير مسانخ طولي أو عرضي أو مقدّم على ذلك الأصل النافي، فالأصلان المتسانخان يبطلان بالإجمال، ويجري الأصل غير المتسانخ بناءً على الاقتضاء دون العلّية.

ولا يعارض الأصل في الطرف الآخر بالبراءة العقلية في الطرف الأوّل؛ لأنـّها إمـّا لا تجري في أطراف العلم الإجماليّ، كما يقول به المحقق النائيني (رحمه الله)، أو تجري بنحو لا يعارض، كما هو الصحيح بناء على التمسّك بحرفية قاعدة (قبح العقاب بلا بيان)، أي: أنّ جريانها يكون بمعنى الأمن من العقاب على ترك الخصوصية، من دون أن يمنع ضرورة امتثال الجامع، وترك المخالفة القطعيّة.

نعم، لا توجد تلك الثمرة بين القول بالاقتضاء، والقول بالعلّيّة في موردين بعد فرض تسليم مبنى انحلال العلم الإجماليّ بالأصل المثبت:

الاُولى: في الصورة الثانية، وهي صورة حكومة الأصل المثبت على الأصل النافي في أحد الطرفين.

والثانية : في أحد قسمي الصورة الاُولى، وهو فرض كون أحد الطرفين غير