المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

127

الثاني عن التنجيز، بناءً على ما يقال: من سقوط العلم الإجماليّ عن التنجيز بفرض كون أحد أطرافه منجّزاً بعلم إجمالي سابق. إذن فلا مانع من الأخذ بالأصل الطولي، فإن لم نقبل هذا المبنى من رأسه، فلا يبقى موضوع لهذا الوجه.

وأمـّا إن قبلنا هذا الوجه قلنا: إنـّه يقتنص من مباني السيّد الاُستاذ جواب عن هذا الوجه، وهو أنّ سقوط العلم الإجماليّ إنـّما يكون في فرض كون تقدّم العلم الإجمالي الأوّل تقدّماً زمانياً، لا في فرض كونه تقدّماً رتبياً؛ وذلك لأنّ التنجيز وعدم حجّيّة هذا الأصل الترخيصي، وكذلك عدم التنجيز وحجّيّة هذا الأصل الترخيصي إنـّما يكون أمراً زمانيّاً لا رتبيّاً، أي: ليس من أحكام الرتَب، حتى يكون ظرفه عالم الرُتب، كي يقال: إنـّه وجد تنجّز في الرتبة السابقة، ولا تصل النوبة إلى التنجّز في الرتبة اللاحقة، وإنـّما ظرفه هو الزمان، وهما في زمان واحد.

والخلاصة: أنّ هناك فرقاً بين التنجّز أوالحجّيّة، وبين التقدّم الرتبي مثلاً، فالثاني من أحكام الرتب، فيكون ظرفه عالم الرتب، فحينما نقول: إنّ العلّة مقدّمة على المعلول يكون ظرف هذا التقدّم هو عالم الرتب لا الزمان، وأمـّا في ظرف الزمان فالعلّة والمعلول متقارنان. أمـّا التنجيز وعدمه أو الحجّيّة وعدمها فهي اُمور زمانية لا يعقل فيها تقدّم وتأخّر إلاّ في ظرف الزمان(1).


(1) هذا إذا كان المقصود في هذا الوجه الاستفادة من مجرّد كون العلمين طوليين، وكون أحدهما معلولاً للآخر.

وأمـّا إذا كان مقصوده دعوى الطولية بين نفس التنجيزين، فهو يقول: صحيح أنّ التنجيز ليس من أحكام عالم الرتب، لكن يوجد بين نفس التنجيزين ترتّب وطولية، أي: أنّ أحدهما وليد للآخر، فتنجيز العلم الإجماليّ الثاني وليد للعلم الثاني، الذي هو وليد لتنجيز العلم الأوّل، ومن المعلوم: أنّ المنجّز بما هو منجّز لا يمكن أن يتنجّز مرّة اُخرى، فالطرف المشترك بين العلمين لا يمكن أن يتنجّز بالعلم الثاني. فجوابه بعد فرض تسليم كفاية ذلك في انحلال العلم الثاني هو ما ورد في غاية الفكر لاُستاذنا الشهيد (رحمه الله)(1) من أنّ العلم الإجماليّ الثاني ليس في طول تنجيز العلم الإجماليّ الأوّل للطرف المشترك، وإنـّما هو في طول تنجيزه لسقوط الأصل الحاكم، وهو الطرف الآخر، فلا موجب لفرض كون التنجيز الذي يكسبه الطرف المشترك من العلم الثاني في طول التنجيز الذي يكسبه من العلم الأوّل.


(1) ص 73 ـ 74 حسب الطبعة التي هي من منشورات الهاشمي المطبوعة بمطبعة نمونه في قم.