المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

126

ومانعيّته عنه دون العكس، فبعد سقوطه تصل النوبة إلى هذا الأصل الطولي بلا مزاحم.

وذلك البرهان عبارة عن أنّ مقتضي هذا الأصل الطولي لو منع عن الأصل العرضي في الطرف الثاني، لرجع الأصل العرضي في الطرف الأوّل إلى الحياة؛ لأنـّه مات ما كان يعارضه، وإذا كان الوجه في سقوط أصلين تعارضهما، فموت أحدهما يستلزم لا محالة حياة الآخر، وإذا رجع هذا الأصل، ارتفع الأصل الطولي؛ لانّ هذا الأصل حاكم عيله - حسب الفرض - وإذا ارتفع الأصل الطولي ارتفعت مانعيّته، فكانت مانعيّته أمراً يلزم وجوده عدمه، فالمانعيّة مستحيلة.

والجواب: أنّ هذا الكلام يستبطن اعترافاً مسبقاً باستلزام وجود المانعية لعدمه، ثم يقال: إنّ فرض المانعية هنا فرض للباطل، بدليل ترتّب فرض أمر باطل عليه، وهو وجود ما يستلزم وجوده عدمه، في حين أنّ استلزام وجود شيء لعدمه في نفسه أمرٌ محالٌ، لا أنـّه ممكن ولكن يستحيل وجود مثل هذا الشيء، فهذا البيان فيه مغالطة حتماً.

وحلّ المطلب هو: أنـّنا لا نسلّم كون موت الأصل العرضي في الطرف الثاني بهذا الطريق مستلزماً لحياة الأصل العرضي الآخر؛ لأنّ موته بهذا الطريق عبارة عن موته في طول تماميّة مقتضي الأصل الطولي، الذي هو في طول موت الأصل العرضي الآخر، وقولكم: (إنّ موت أحد المتعارضين يستلزم حياة الآخر) إنـّما يتمّ فيما إذا لم يكن موته في طول ذلك الأصل الآخر، أمـّا إذا كان موت شيء فرعاً لموت شيء آخر، فيستحيل أن يعطي موت هذا الشيء فرصة الوجود لذاك الشيء الآخر.

الوجه الرابع: أنّ هنا علمين إجماليين، أحدهما في طول الآخر: أحدهما: العلم الإجماليّ بكذب أحد الأصلين العرضيين، وهذا العلم الإجماليّ أوجب بتنجيزه سقوط كلا الأصلين، فسقط الأصل الحاكم عن الحجّيّة بسبب هذا العلم الإجماليّ، وفي طول سقوطه تولّد الأصل المحكوم، فحصل علم جديد، وهو العلم الإجمالي بكذب أحد الأصلين، أي: الأصل الطولي، أو الأصل العرضي في الطرف الثاني، فهذا العلم الإجماليّ متأخّر رتبةً عن العلم الإجماليّ الأوّل؛ إذ هو في طول الأصل المحكوم، الذي هو في طول سقوط الأصل الحاكم، الذي هو في طول العلم الإجمالي الأوّل، وهذان العلمان الإجماليان مشتركان في أحد الأطراف، وهو الأصل العرضي في الطرف الثاني، وإذا كان الأمر كذلك، فقد سقط العلم الإجماليّ