المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

125

محالة ـ عن الآخر أيضاً، فلا معنى لأن يزاحمه الأصل العرضي في الطرف الآخر؛ إذ الأصل الطولي في طول سقوطه.

والجواب: أنّ هذا مبنيّ على مبنىً قد يدّعى في الفلسفة: من أنّ ما مع المتقدّم متقدّم، وما مع المتأخّر متأخّر، لكنّنا لا نقبل هذا المبنى في التقدّم الرتبي، فتأخّر هذا الأصل عن أحد العرضيين لا يوجب تأخّره عن العرضي الآخر، فهو في رتبة الأصل الطولي أيضاً، بمعنى عدم وجه لتقدّمه عليه.

هذا. ولا ينبغي بعد ذلك التمسّك لإثبات المقصود من حجّية الأصل الطولي بمفهوم قد ينتزع عمّا عرفته من الوجه الثاني، وذلك بأنْ يقال: كيف يعقل أن يعارض الأصل العرضي في الطرف الثاني الأصل الطولي، مع أنـّه قد عارض أصلاً متقدّماً رتبة على الأصل الطولي؟! فإنـّه لو عارض الأصل الحاكم في رتبته والأصل المحكوم أيضاً في رتبته، فهذا معناه أنّ هذا الأصل له عرض عريض، يوجد في رتبتين، مع أنـّه يستحيل وجود شيء في رتبتين.

والجواب: أنّ معنى ما ذكرناه من منع قانون (ما مع المتقدّم متقدّم وما مع المتأخّر متأخّر) أنّ ذاك العرضي الآخر لا وجه لتقدّم له على هذا الأصل الطولي، كما لا وجه لتقدّم له على ذاك الأصل العرضي، ولا لتأخّره عن أحدِهما، وهذا معنى كونه في عرض هذا وذاك، ولا يلزم من العرضية لهما بمعنى عدم وجه للتقدّم وجود الشيء في رتبتين.

ثم إنّ المشهور في وجه الرجوع إلى الأصل الطولي، وعدم سقوط ما مضى في أوّل بحث الصورة الثالثة من أنّ الأصل المعارض له قد سقط بالتعارض مع الأصل الحاكم عليه في مرتبة سابقة، فهذا في مرتبته لا معارض له، والظاهر أنّ هذا يرجع إلى أحد هذين الوجهين بأحد شقوقهما، وقد عرفت الجواب عن الكلّ.

الوجه الثالث: أنـّنا عرفنا أنّ التأخّر عن أحد العرضيين لا يوجب التأخّر عن العرضي الآخر، لكنّنا نثبت هنا بالبرهان عدم صلاحية الأصل الطولي لمصادمة الأصل العرضي في الطرف الثاني، فتبقى المصادمة من طرف واحد، وهي مصادمة ذلك الأصل العرضي لهذا الأصل الطولي، وإذا كان الصدام بين أصلين من طرف واحد فحسب، فلا محالة يكون الأصل الصادم مُقدّماً على الأصل المصدوم، ولا يقع التعارض والتساقط؛ لأنّ التعارض فرع صلاحية المنع من الطرفين، فهذا الأصل الطولي يكون في طول ذلك الأصل العرضي؛ لتقدّم هذا الأصل العرضي عليه،