المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

124

الوجه الأوّل: أنّ هذا الأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين العرضيين وتساقطهما؛ إذ لولا تعارضهما وتساقطهما لما كانت تصل النوبة إلى هذا الأصل المحكوم، إذن فهذا الأصل يكون بعد فرض سقوط الأصلين العرضيين، وفي الرتبة المتأخّرة عن ذلك، وعندئذ فكيف يعقل تعارضه مع أحدهما؟ والشيء الساقط يستحيل أن يمنع عن شيء لا يتمّ مقتضيه إلاّ بعد فرض سقوط ذلك الشيء.

وبكلمة اُخرى: أنّ الأصل الطولي يكون في طول سقوط الأصل الحاكم، وسقوط الأصل الحاكم يكون في طول معارضة الأصلين العرضيين، فالأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين العرضيين، والأصل المفروض المعارضة لا يعارض أصلاً آخر؛ لأنّ الأصل المفروض المعارضة بما هو مفروض المعارضة لا اقتضاء له.

ومزية هذا التقريب الثاني على التقريب الأوّل: هي أنـّه لم يفرض في ذلك كون الأصل الطولي في طول التساقط حتّى يناقش فيه: بأنـّه إنـّما هو في طول سقوط الأصل الحاكم، لا في طول التساقط، فإنـّنا نقول: إنـّه يكفينا كونه في طول سقوط الأصل الحاكم؛ لأنّ هذا السقوط في طول المعارضة، والأصل المفروض فيه التعارض لا يصلح للمعارضة؛ إذ لا اقتضاء للأصل المعارض بما هو معارض.

والجواب: أنّ قولكم: إنّ الأصل الطولي يكون في طول معارضة الأصلين وتساقطهما، أو في طول المعارضة فحسب خلطٌ بين الكلّ والجزء، ووضع للكلّ مكان الجزء، فإنّ المعارضة عبارة عن مصادمتين: مصادمة هذا لذاك، أي: مانعية مقتضيه عن تأثير مقتضي ذاك، وبالعكس، والأصل الطولي في الطرف الأوّل إنـّما هو في طول مانعية مقتضي الأصل العرضي في الطرف الثاني عن تأثير مقتضي الأصل الأوّل، وسقوط الأصل الأوّل، لا في طول مجموع المانعيتين، والتساقط الذي هو عبارة عن مجموع سقوطين، وإذا كان الأمر كذلك، فمقتضي الأصل العرضي في الطرف الثاني يمنع عن تأثير مقتضي الأصل العرضي في الطرف الأوّل، وفي طول ذلك يتمّ مقتضي الأصل الطولي، ويقع التمانع في التأثير ـ عندئذ ـ بين هذا المقتضي الجديد في الطرف الأوّل، والمقتضي الثابت في الطرف الثاني، الذي كان متمانعاً مع المقتضي الأوّل ـ أيضاً ـ في الطرف الأوّل.

الوجه الثاني: ما يأتي مباشرة بعد الوجه الأوّل، وهو أنـّنا عرفنا أنّ الأصل الطولي يكون في طول إحدى المانعيّتين والسقوطين، لكن كلّ من المانعيتين أو السقوطين كانا في عرض واحد، فهذا الأصل الطولي المتأخّر عن أحدهما متأخّر ـ لا