المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

123

أحد الأصلين النافيين أنّ هذه الحكومة توجب نجاة الأصل الآخر من المعارضة، ورفع القصور في دليله؛ لأنّ الدليل شامل لأحد الفردين بعنوان الفرد الثاني، وبالتالي حجّة في كلّ من الفردين، بشرط كذب الأصل في الفرد الآخر، وقد ثبت شرط الأصل الآخر ببركة الحاكم في الطرف الأوّل، فلم لا نقول بمثل هذا الكلام في المقام؟! وأيّ فرق بينهما؟! عدا أنّ الأصل الحاكم هناك كان عبارة عن أصل مثبت، وهنا عبارة عن أصل ناف، وهو استصحاب الطهارة.

والجواب: أنّ فرض أصل مثبت حاكم على أصالة الطهارة في أحد الطرفين يوجد شرط حُجّيّة الأصل في الطرف الآخر بالتقريب الماضي، وأمـّا فرض استصحاب الطهارة الحاكم على أصالة الطهارة في أحد الطرفين، فلا يجري في إحياء أصالة الطهارة في الطرف الآخر حتّى تعارض ذلك الاستصحاب، فإنّ أصالة الطهارة بقطع النظر عن الاستصحاب غير جارية؛ للإجمال - حسب الفرض -، وبعد فرض الاستصحاب لا يعقل جريانه؛ لاستلزامه الترخيص في المخالفة القطعية، فلا معارض للاستصحاب، وهذا بخلاف ما لو كان الأصل الحاكم مثبتاً، فإنـّه بعد فرضه يعقل جريان الأصل في الطرف الآخر(1)...

الجهة الثالثة: في تحقيق الحال في فرض عدم تسانخ الأصلين؛ لنرى أنـّه هل يتساقط الأصل الطولي مع العرضيين، كما ذهب إليه السيّد الاُستاذ أو لا؟ والصحيح هو التساقط، حيث إنـّه بعد فرض عدم الترخيص في المخالفة القطعية يقع التكاذب بين الأصل الطولي في هذا الطرف، والأصل العرضي في الطرف الآخر، فلا محالة يتعارضان ويتساقطان؛ إذ ليس في المقام ما يُسقط ذلك الأصل العرضي عن صلاحية المعارضة لهذا الأصل الطولي، عدا وجوه كلّها مخدوشةٌ:


(1) وبكلمة اُخرى: أنّ ما مضى من أنّ العام يدلّ عرفاً على شموله لعنوان الفرد الثاني على تقدير خروج أحد الفردين صحيح، لكنّه يختصّ بما إذا لم يكن الجمع بين كيفيّة ذلك التقدير وشمول العامّ لعنوان الفرد الثاني مشتملاً على نفس المحذور، الذي كان يشتمل عليه الجمع بين الفردين، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ الجمع بين كيفية تقدير خروج أحد الفردين، وهي الخروج بحكومة الأصل النافي، وشمول العامّ للفرد الثاني مشتمل على نفس محذور المخالفة القطعية، وفي مثل هذا الفرض لا معنى لظهور العامّ في شموله لعنوان الفرد الثاني على تقدير خروج أحد الفردين، في حين أنّ الأصل الحاكم لو كان مثبتاً لم يكن هذا المحذور موجوداً.