المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

122

من سنخ واحد، لكن كان الأصل المحكوم مع معارض الحاكم من سنخ واحد، فهنا يصبح دليل ذلك الأصل مجملاً، ويجري الأصل الحاكم بلا معارض، وذلك بعين النكتة الموجودة في تسانخ الأصلين، واستقلال أصل ثالث بالدليل، ومثاله نفس ما مثّل به هو للقسم الثاني الذي حكم فيه بتساقط جميع الاُصول الثلاثة من العلم الإجمالي، بتنجس هذا الماء، أو كون ذلك المائع عين النجس، ففي الماء يوجد استصحاب الطهارة، وفي طوله أصالة الطهارة، وفي المائع لا يوجد إلاّ أصالة الطهارة، فيصبح دليل أصالة الطهارة مجملاً ويجرى في الماء استصحاب الطهارة.

والخلاصة: أنّ الضابط إنـّما هو تماثل أصلين، وتغاير أصل ثالث، سواء كان الجميع في عرض واحد، أو كان الأصل الثالث محكوماً لأحدهما أو حكم عليه.

وما ذكرناه من النقض الثالث واضح، بناءً على ما هو الصحيح في الحكومة، من كون مرجعها إلى التخصيص، فدليل أصالة الطهارة بذاته يقتضي شمول الماء ـ أيضاً ـ وإن كان فيه محكوماً لاستصحاب الطهارة، فيقع الإجمال فيه، ونرجع إلى استصحاب الطهارة بلا معارض.

وأمـّا بناءً على الحكومة التي يقول بها المحقّق النائينيّ (رحمه الله) الراجعة روحاً إلى الورود لا التخصيص، فيمكن أن يناقش في ذلك بأنّ الاستصحاب في الماء يخرج الماء عن مورد أصالة الطهارة، فيشمل دليل أصالة الطهارة ذلك المائع بلا إجمال، فيقع التعارض بينه وبين الاستصحاب.

لكن الصحيح: أنـّه على هذا الفرض ـ أيضاً ـ يجري الاستصحاب بلا معارض؛ لأنّ تماميّة ظهور الدليل في أصالة الطهارة في المائع فرع لعدم شمول دليل أصالة الطهارة للماء الذي هو فرع الاستصحاب في الماء، فيستحيل أن تعارضه. وبكلمة اُخرى: أنّ هذين الأصلين، وهما أصالة الطهارة في المائع واستصحاب الطهارة في الماء، إنـّما يتعارضان إذا كان المقتضي -وهو الظهور لكل منهما- تامّاً بقطع النظر عن الآخر، فيكون جريان كلّ منهما دون الآخر ترجيحاً بلا مرجّح، فيتعارضان، وهنا يكون مقتضي الاستصحاب في الماء بقطع النظر عن أصالة الطهارة في المائع تامّاً، لكن مقتضي أصالة الطهارة في المائع بقطع النظر عن ذاك الاستصحاب غير تامّ؛ لعدم الظهور؛ إذ بقطع النظر عن الاستصحاب يوجد في عرض هذا الأصل أصل آخر من سنخه في الطرف الآخر من طرفي العلم الإجمالي.

بقي في المقام إشكال: وهو أنـّه قد مضى في فرض حكومة الأصل المثبت على