المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

121

وأمـّا على مشرب الاقتضاء، فما مضى من السيّد الاُستاذ من تقريب وقوع المعارضة بين مجموع الاُصول الثلاثة في غير فرض وجود أصل مثبت طولي في أحد الطرفين، يأتي في هذا الفرض ـ أيضاً ـ حرفاً بحرف، وتقع المعارضة بين استصحاب عدم الزيادة في الصلاة السابقة وقاعدة التجاوز في الصلاة الحاليّة، والأصل المثبت في المقام لا يصنع شيئاً، فإنّ قوام التعارض لم يكن بالعلّيّة، حتّى يرتفع بهذا الأصل المثبت لرفعه للعلّيّة، وإنـّما قوام التعارض يكون بالتكاذب، والتكاذب موجود حتّى الآن إذ لا يمكن الجمع بين إجراء الاستصحاب النافي في الصلاة السابقة وقاعدة التجاوز في هذه الصلاة، وهنا لا يأتي ما مضى على مشرب العلّيّة: من أنّ قاعدة التجاوز لا تجري في نفسها، فإنـّه على مشرب الاقتضاء تكون قاعدة التجاوز بقطع النظر عن محذور الترجيح بلا مرجح جارية.

هذا. وقد تحصّلت هنا نتيجة غريبة، وهي أنّ حال الاقتضاء في التنجيز أصبحت أشدّ من العلّيّة، وهذه النتيجة وليدة لما لا نقول نحن به، من قانون انحلال العلم الإجماليّ بالأصل المثبت.

الجهة الثانية: أنّ ما ذكره السيّد الاُستاذ من أنـّه إذا كان الأصلان العرضيان من سنخ واحد، وجرى الأصل الطولي بلا محذور، ينبغي أن لا يخصّص بفرض الطوليّة، بل يعمّم حتّى لفرض كون الاُصول الثلاثة في عرض واحد، فإنّ تمام النكتة في المقام هي تسانخ الأصلين، واستقلال الأصل الثالث بدليل يخصّه، و هذا لا يفرّق فيه بين الطولية والعرضية. ونمثّل للعرضية بمثالين:

الأوّل: مثل ما لو كانت في أحد الجانبين أصالة الطهارة، وفي الجانب الآخر أصالة الطهارة واستصحابها، بناءً على ما هو الصحيح من عدم حكومة الاستصحاب على الأصل إذا كانا متوافقين.

والثاني: ما إذا كان لدينا علمان إجماليان مشتركان في طرف واحد، كما لو علمنا إجمالاً بنجاسة ما في الإناء الأبيض، أو ما في الإناء الأسود، وعلمنا ـ أيضاً ـ إجمالاً بنجاسة ما في ما الإناء الأسود، أو ما في الإناء الأخضر، وكان الأوّلان مجرىً لأصالة الطهارة، دون استصحابها، لكنّ الثالث جرى فيه استصحاب الطهارة، وهو في عرض أصالة الطهارة في الإناء الأسود، وليس مقدماً عليه؛ لأنـّهما في موضوعين.

ولعلّ السيّد الاُستاذ يلتزم بهذين النقضين.

لكنْ هنا نقضٌ ثالث لا يلتزم به، وهو أنـّه إذا لم يكن الأصلان العرضيان