المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

120

ولنا في تحقيق الحال في مجموع ما أفاده كلام في جهات ثلاث:

الجهة الاُولى: فيما ذكره في هذا الاستثناء الأخير: من الرجوع إلى الأصلين الطوليين، وسقوط الأصلين العرضيّين، فإنّ هذا الكلام لايناسب مشرب العلّيّة ولا مشرب الاقتضاء.

أمـّا على مشرب العلّيّة، فلأنـّه لا بُدّ من الرجوع إلى قاعدة الفراغ في الصلاة السابقة الحاكمة -حسب الفرض- على استصحاب عدم الزيادة، لا إلى استصحاب عدم الزيادة، إذ لا مانع من التمسّك بقاعدة الفراغ إلاّ أحد محذورين:

الأوّل: محذور العلّيّة، والمفروض انتفاؤها بانتفاء الموضوع، وهو منجّزيّة العلم الإجماليّ؛ لانحلال العلم الإجماليّ بالأصل المثبت.

والثاني: محذور المعارضة لقاعدة التجاوز في الصلاة الاُخرى، وهذا ـ أيضاً ـ مدفوع بأنّ قاعدة التجاوز في هذه الصلاة غير جارية في نفسها، أي: بقطع النظر عن المعارضة، لا قبل الانحلال، ولا بعد الانحلال.

أمّا قبل الانحلال فللعلّيّة. وأمّا بعد الانحلال فلأنّ فرض الانحلال هو فرض تنجّز هذا الطرف علينا، فكيف ننفيه بالأصل؟ فإذا لم تجرِ قاعدة التجاوز في نفسها فقاعدة الفراغ غير مبتلاة بالمعارض، فتجري لارتفاع كلا المحذورين عن جريانها.

إن قلت: إنّ هذا الأصل المثبت وليد لمنجّزيّة العلم الإجماليّ، فكيف يمكنه أن يحلّ العلم الإجماليّ ويبطل منجّزيّته؟!

قلت: إنـّه وليد للمنجّزيّة اللولائيّة للعلم الإجماليّ، أي: كون العلم الإجماليّ منجزاً لولا هذا الأصل- والوجود اللولائي ثابت حتى بعد جريان الأصل والانحلال، وهذا الوجود اللولائي كاف في سقوط الأصل الحاكم على هذا الأصل؛ إذ مع الوجود اللولائي لتنجيز العلم الإجمالي، أي: وجوده لولا استصحاب عدم الإتيان بالركوع، كيف يجري الأصل الحاكم وهو قاعدة التجاوز؟ هل يجري مع جريان الأصل المثبت، أو يجري وحده؟ فالأولّ غير معقول؛ لعدم إمكان اجتماع النفي والإثبات، والثاني ـ أيضاً ـ غير معقول؛ لمنافاته للتنجيز اللولائي للعلم الإجمالي الذي يصبح فعلياً بفرض عدم الأصل المثبت، وبكلمة اُخرى: أنّ الوجود المشروط للعلم الإجمالي يكفي للمنع عن جريان أصل يكون جريانه مساوقاً لحصول ذاك الشرط، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإنّ وجود العلم الإجماليّ مشروط بعدم الأصل المثبت، وجريان قاعدة التجاوز مساوق لعدم الأصل المثبت.