المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

119

خارجي، والأصل الطولي وإن كان في المرتبة المتأخّرة عن تأثير المقتضي في جانب الأصل الحاكم، إلاّ أنّ نفس المقتضيين قد وجدا في زمان واحد؛ إذ قد تمّ إقتضاء المقتضي الطولي بعدم تأثير مقتضي الأصل الحاكم في نفس زمان ذلك المقتضي، فجميع المقتضيات الثلاثة موجودة في زمان واحد، وتتعارض وتتساقط، فإذا علم إجمالاً بتنجّس هذا الماء أو بوليّة هذا المائع لا يمكن الرجوع إلى أصالة الطهارة في الماء، بعد تساقط استصحاب طهارته مع أصالة طهارة ذاك المائع، بل تسقط أصالة طهارة الماء ـ أيضاً ـ معهما.

نعم، استثنى السيّد الاُستاذ من ذلك صورة واحدة، قال فيها بجريان الأصل النافي الطولي، وهي ما إذا كان لكلا الأصلين النافيين العرضيين أصل طولي، ولكن أحدهما ناف والآخر مثبت، كما لو علم إجمالاً بزيادة ركوع في الصلاة السابقة، أو نقيصة ركوع في الصلاة التي هو مشغول بها من بعد تجاوز المحل، فتتعارض قاعدة الفراغ في الصلاة السابقة مع قاعدة التجاوز في هذه الصلاة، وتصل النوبة إلى استصحاب عدم الزيادة في الصلاة السابقة، واستصحاب عدم الإتيان بالركوع في هذه الصلاة، وهذا الاستصحاب الثاني أصل مثبت، فينحلّ به العلم الإجمالي، فلا يبقى مانع عن الرجوع إلى استصحاب عدم الزيادة في الصلاة السابقة.

 


المصباح، ج 2، ص 418 .

وعلى أيـّة حال، فالتعبير الذي يناسب البيان المذكور في المقام هو التعبير: بأنّ تعدّد الرتب لم يكن بين الأصل الطولي ومعارضه، كما وضّح السيّد الخوئي (رحمه اللّه) ـ أيضاً ـ ذلك في بحث ملاقي الشبهة المحصورة. أمـّا أنّ الحجّيّة ليست من أحكام الرتبة، فلا أثر لذلك في المقام، ولا في ملاقي الشبهة المحصورة، فإنـّه لو سلّم كون الأصل الطولي متأخراً رتبةً عن معارضه، فلا محالة يكون ثابتاً وحده دون معارضه؛ لأنـّه تكوّن في طول سقوط معارضه، فالتعدّد الرتبي هنا منع عن التعارض الزماني، وبالتالي أوجب حلّ التعارض، والقول بأنّ تعدد الرتبة لا يمكن أن يؤثّر في بقاء المتأخّر وحده في ظرف الزمان؛ لأنّ الأصلين ليسا من أحكام عالم الرتب مغالطة، كما يتّضح ذلك ببيان لطيف لاُستاذنا الشهيد (رحمه الله) فيما يأتي من بحث ملاقي أطراف العلم الإجماليّ فراجع.