المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

118

ما في عرضه كان يستلزم الترخيص في المخالفة القطعيّة، وجريانه وحده كان ترجيحاً بلا مرجّح، والآن لا يلزم من إجراء الأصل الطوليّ انتفاء أحد الأمرين، فلا زالت المخالفة القطعيّة حراماً، وليس إجراءه مستلزماً للترخيص فيها، ولا زال إجراء أحد الأصلين العرضيين ترجيحاً بلا مرجّح، فهذا الأصل لم يصبح رافعاً لمقتضيه.

الوجه الثالث: ما ذكره السيّد الاستاذ(1)، وهو قائل بالتفصيل بينما إذا كان الأصلان العرضيّان من سنخ واحد أو من سنخين، ففي القسم الأوّل يجوّز الرجوع إلى الأصل الطوليّ، ومثاله: ما لو علمنا إجمالاً بنجاسة هذا الماء أو هذا الثوب، فتوجد في كلّ منهما أصالة الطهارة، ويوجد في خصوص الماء أصل طوليّ، وهو أصالة الحلّ بناءً على تقدّم أصالة الطهارة عليها، فهنا ذكر السيّد الاُستاذ: أنّ الأصلين العرضيّين المتسانخين في الدليل يتساقطان، ولا يشمل ذاك الدليل شيئاً من الأصلين، ويبقى في المقام الأصل الطولي بلا معارض.

أقول: ينبغي تتميم المطلب ببيان النكتة الخاصّة بفرض تسانخ الأصلين العرضيّين، والتي لا تجري في غير فرض التسانخ، وهي فرض المخصّص، وهو المحذور العقليّ، أو العقلائيّ المانع عن الترخيص في المخالفة القطعيّة، مخصّصاً متّصلاً، فيوجب إجمال دليل الأصل الحاكم، فيجري الأصل المحكوم بلا أيّ محذور.

وأمـّا القسم الثاني، وهو ما إذا كان الأصلان متخالفين، فلا يمكن إثبات الرجوع فيه إلى الأصل الطوليّ بهذه النكتة؛ لأنّ دليل كلّ واحد من الأصلين في نفسه ليس منافياً للارتكاز العقلائيّ، أو المحذور العقليّ، فلا يبتلي بالإجمال من هذه الناحية.

نعم يتعارض الأصلان ويتساقطان، وعندئذ يقال: إنـّه تصل النوبة إلى الأصل الطوليّ؛ لأنّ الأصل في الطرف الآخر قد تعارض مع ما في الرتبة السابقة على هذا الأصل وسقط، فوصلت النوبة إلى هذا الأصل بلا معارض، وهنا ذكر السيّد الاُستاذ: أنّه يقع التعارض بين الاُصول الثلاثة ويتساقط الكلّ، ودفع ذاك التقريب بأنّ الحجّيّة ليست من أحكام الرتب حتّى تصحّح بتعدّد الرتب(2)، وإنـّما هي حكم زماني


(1) راجع الدراسات: ج 3، ص 230 ـ 233، ومصباح الاُصول: ج 2، ص 356ـ 360.

(2) لم يرد في الدراسات ولا في المصباح هنا الإشارة إلى أنّ الحجّيّة ليست من أحكام تعدّد الرتب، وإنـّما ورد ذلك في بحث ملاقي الشبهة المحصورة في الدراسات، ج 3، ص 267، وفي