المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

117

أقول: إن كان مقصود المحقّق النائينيّ (قدس سره) من وحدة المجعول وحدة المُنشأ، فالحقّ هو التعدد، وإن كان مقصوده وحدة لبّ الأمر وأنّ مفاد كليهما معاً هوالطهارة مثلاً، فهذا الإشكال غير وارد عليه:

والثاني: أنّ التنافي وإن كان بين المجعولين، لكن هذا التنافي يوجب أن يكون مصبّ المعارضة هو المجعول من حيثيّة الدلالة، وهذه جهة تقييديّة، فالتعارض في الحقيقة بين الحيثيّتين، فإذا كانت في أحد الطرفين حيثيّتان للدلالة، وسقطت الاُولى بالمعارضة في مرتبة سابقة، فمجرّد وحدة المجعول غير كاف لسقوطه؛ لإمكان القول بلزوم التمسّك بالدلالة الثانية.

وهذا الجواب في غاية المتانة.

الوجه الثاني: ما عن المحقّق النائينيّ (قدس سره) أيضاً، وهو أنّ الأصل النافي الطولي لو جرى لزم من وجوده عدمه، فإنـّه في طول سقوط الأصل الحاكم، الذي هو في طول منجّزيّة العلم الإجماليّ، فمنجّزيّة العلم الإجماليّ هي التي تقتضي جريان هذا الأصل، فكيف يعقل أن يكون هذا الأصل رافعاً لها؟! وليس من المعقول أن يكون الشيء رافعاً لمقتضيه.

ويرد عليه: أنّ هذا الأصل إنـّما يرفع الدرجة الثانية من منجّزيّة العلم الإجماليّ، وهي وجوب الموافقة القطعية، وهو لم يكن وليداً لهذه الدرجة من التنجيز، وإنـّما كان وليداً لحرمة المخالفة القطعيّة التي هي الدرجة الاُولى(1) للتنجيز، مع استحالة الترجيح بلا مرجّح، فإنّ الأصل الحاكم إنـّما سقط لأنّ جريانه مع


(1) قد يقول المحقّق النائينيّ (رحمه الله) في المقام ـ حسب ما يعتقده من أنّ العلم الإجماليّ ينحلّ بالأصل المثبت للتكليف انحلالاً حقيقيّاً لا حكميّاً ـ : إنّ الانحلال هنا غير ممكن؛ لأنّ الأصل المثبت وليد للعلم الإجماليّ، فكيف يرفعه؟

ولكن المفروض به أن يعترف بالانحلال الحكمي، بمعنى رفع وجوب الموافقة القطعيّة بعد فرضه لاستحالة الانحلال الحقيقي في المقام؛ لعدم إمكان رفع الأصل المثبت لما كان وليداً له، ولا محذور في هذا الانحلال الحكمي بعد فرض استحالة الانحلال الحقيقي، لأنّ العلم الإجماليّ ـ حسب الفرض ـ إنـّما هو مقتضي لوجوب الموافقة القطعيّة، وليس علّة تامّة له، فهو يقبل الرفع بوجود المانع.