المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

116

من الطرفين يوجد أصل طولي، وهو أصالة البراءة، فيحصل التساقط، لكنّنا قلنا: إنّ أصالة البراءة في نفسها غير جارية في أطراف العلم الإجماليّ بقطع النظر عن التعارض.

وأمـّا المثال الذي يتمّ حتى على مبانيهم، فكما لو علم إجمالاً بنجاسة أحد الإنائين، وأحدهما لم تكن له حالة سابقة، وكانت الحالة السابقة للآخر هي الطهارة، فتعارض استصحاب الطهارة فيه مع أصالة الطهارة في الآخر، وتساقطا، ووصلت النوبة إلى أصالة الطهارة فيما كانت له حالة سابقة(1) .

وعلى أيّة حال، فمهما وجد أصل ناف طوليّ في أحد الطرفين، فقد يقال بتساقط الأصلين النافيين بالتعارض، والرجوع إلى الأصل النافي الطوليّ في الطرف الذي يخصّه، والاحتياط في الطرف الآخر بسبب العلم الإجماليّ، فلا تجب الموافقة القطعيّة هنا بالاحتياط في كلا الطرفين بناء على الاقتضاء؛ لأنّ الأصل النافي الطوليّ لا معارض له في مرتبته، وفي المرتبة السابقة على نفسه لا وجود له حتى يسقط بالمعارض.

وقد خالف في ذلك جملة من المحقّقين، فبعضهم أفتى بلزوم الاحتياط على الإطلاق، وبعضهم فصّل بين الموارد بجريان الأصل النافي الطولي في بعضها دون بعض، وقد ذكر لعدم جريان هذا الأصل مطلقاً، أو التفصيل وجوه ثلاثة:

الوجه الأوّل: ما عن المحقّق النائينيّ (قدس سره) من أنّ التعارض يكون بين المجعولين، أو المجعول في كلّ من الطرفين شيء واحد وإن اختلفت الأدلّة، فيتساقط المجعولان، ولا يبقى ترخيص في أيّ واحد من الطرفين(2) .

وذكر المحقّق العراقي (رحمه الله) في مقام الاعتراض على ذلك إشكالين(3) :

الأوّل: منع وحدة المجعول، فالمجعول في استصحاب الطهارة وأصالتها ليس طهارة واحدة، بل طهارتان مجعولتان طوليّاً.


(1) أو قل: إنّ أصالة الطهارة فيما له حالة سابقة تعارضت ـ أيضاً ـ مع أصالة الحلّ في الآخر، وتساقطت، ووصلت النوبة إلى أصالة الحلّ فيه فيما إذا كانا من الطعام أو الشراب.

(2) أجود التقريرات: ج 2، ص 246، وفوائد الاُصول: ج 4، ص 16.

(3) راجع المقالات: ج 2، ص 12، ونهاية الأفكار: القسم الثاني من الجزء الثالث، ص 321.