المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

113

على كون المحذور عقليّاً، فمن يدّعي إدراك محذور عقليّ في المقام تارةً يفرض كون ذلك بديهيّاً كالمتّصل، فيهدم الظهور، واُخرى يفرض عدم كونه كذلك، فلا يهدم الظهور وإن كان ذلك خلاف ما نبني عليه من أنّ أحكام العقل العملي في غير باب تزاحم المحسّنات والمقبّحات بديهية لا يشكّ فيها عادةً إنسان خال ذهنه عن شبهة وتشكيك علمي ونحوه .

والخلاصة: أنّه لو ادّعى أحدٌ أنّ هناك محذوراً عقليّاً لا يدركه كلّ أحد، أو يكون دركه بعد تروٍّ وتأمل، أصبح هذا مخصّصاً منفصلاً، ولكن هذه الدعوى غير صحيحة عندنا؛ لإنكارنا للمحذور العقلي من ناحية؛ ولأنّنا نرى أنّه لو كان لكان بديهيّاً كالمتّصل من ناحية اُخرى.

الفرض الثاني: ما إذا كان الأصل الحاكم مدلولاً لنفس دليل الأصل المحكوم، كما لو علم إجمالاً بنجاسة هذا الشيء، أو وجوب الإنفاق على هذه المرأة لكونها زوجة، فتعارض استصحاب ذاك الشيء مع استصحاب عدم زوجيّة هذه المرأة، ولكن كان الشكّ في زوجيّة هذه المرأة ناشئاً ـ مثلاً ـ من الشكّ في بقائها حين العقد على الإسلام، وجرى استصحاب الإسلام، فكان حاكماً عى استصحاب عدم الزوجيّة، فيجري ـ عندئذ ـ استصحاب الطهارة في ذلك الطرف بلا محذور؛ لأنّ دليل الأصل في نفسه ليس له ظهور في الأصل النافي إلاّ بلحاظ ذلك الجانب، وهذا الظهور ليس منافياً للارتكاز العقلائيّ أو المحذور العقليّ حتى ينهدم، فهو ظهور باق على حاله ولا مانع عن حجّيّته.

الفرض الثالث: أن يكون الأصل النافي في كلّ من الطرفين بدليل غير دليل الأصل النافي في الطرف الآخر، كما لو جرت في أحد الطرفين أصالة الصحّة، وفي الآخر أصالة الحلّ، وكانت أصالة الحلّ محكومة لاستصحاب مثبت للحرمة، فنجري أصالة الصحّة بلا مانع؛ لأنّ المحذور العقليّ أو العقلائيّ ليس منافياً لظاهر دليل أصالة الصحّة، كي يصبح مجملاً، كما أنـّه ليس منافياً ـ أيضاً ـ لظاهر دليل أصالة الحلّ، كي يصبح مجملاً، وإنـّما الارتكاز العقلائيّ أو حكم العقل ينافي مجموعهما، فاُوقع بذلك التعارض بينهما، فكانت حجّيّة كلّ منهما ذاتاً مانعة عن حجّيّة الآخر، فإذا سقط أحدهما عن الحجّيّة خلت حجّيّة الآخر عن المانع.

الفرض الرابع: أن يكون الأصل الثالث رافعاً لموضوع أحد الأصلين، أمـّا بالورود، كما إذا قلنا: إنّ الاستصحاب وارد على أصالة الحلّ، أو بالحكومة، إذا كان