المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول، القسم الثاني - الجزء الرابع

109

المحصورة في المخالفة القطعيّة، لأنـّه يصادم الحكم الواقعيّ، إمـّا عقلاً أو ارتكازاً عقلائيّاً، ونتعدّى من مورد العلم الإجماليّ إلى الشبهات البدويّة؛ إمـّا لأنـّه عادة يوجد في أطراف الشبهة غير المحصورة الشكّ البدويّ أيضاً، أو لأنّ العرف يتعدّى من الترخيص في احتمال انطباق المعلوم بالإجمال إلى الترخيص في الاحتمال البدويّ.

ولا يقال: إنّ الاحتمال البدويّ قد يكون قويّاً، واحتمال انطباق المعلوم بالإجمال على طرف معيّن في الشبهة غير المحصورة ضعيف جدّاً؛ لكثرة الأطراف، فلا يتعدّى العرف إلى مورد الاحتمال البدويّ.

فإنـّه يقال: إنـّه في مورد الشبهة غير المحصورة بالإمكان فرض الظنّ بانطباق المعلوم بالإجمال على ذاك الطرف، بأن يضعف احتمال الانطباق في باقي الأطراف بمقدار ما تتوجّه قوة الاحتمال إلى هذا الطرف، ومعه قد رخّص الشارع بمقتضى إطلاق الحديث في هذا الطرف، فيتعدّى منه إلى مورد الاحتمال البدويّ، وأمـّا التعدّي إلى ما نحن فيه، وهو مثل ما لو علم إجمالاً بعدم الإتيان بالصلاة الحاضرة، أو حرمة هذا الجبن فغير ممكن؛ لعدم تأتّي شيء من النكتتين؛ لوجود العلم الإجماليّ بنحو الشبهة المحصورة، فلئن صحّ تعدّي العرف من مورد الشبهة غير المحصورة إلى مورد الشكّ البدويّ، فليس من المحتمل تعدّيه منها إلى مورد الشبهة المحصورة، كما أنّ غلبة وجود الشكّ البدويّ في أطراف الشبهة غير المحصورة لا يبرّر التعدّي إلى موارد الشبهة المحصورة، وليس من الغالب وجود شبهة محصورة في بعض أطراف الشبهة غير المحصورة.

والسرّ في الفرق بين ما إذا حمل الحديث على تحليل الكليّ المشتمل على فرد حرام، أو على تحليل الكلّ المشتمل على جزء حرام ـ حيث نقول على الأوّل: بشمول الحديث لما نحن فيه، وعلى الثاني: بعدم شموله أيّاه ـ هو أنـّه على الأوّل يكون هذا الجبن بنفسه مصداقاً من مصاديق ذاك الكلّيّ، ومحلّلاً بمنطوق الحديث الذي حلّل الكلّيّ المشتمل على مصاديق محلّلة ومصاديق محرّمة، من دون فرق بين افتراض علم إجماليّ في دائرة الجبن بوجود الحرام وافتراض عدمه، كما لو كان العلم الإجماليّ منحلاّ بوجدان عشرة أفراد محرّمة مثلاً، فإنّ معنى قوله: (فيه حلال وحرام) ليس فرض العلم الإجماليّ، وإنـّما معناه فرض الشكّ من ناحية اشتمال الكليّ في نفسه على الفرد الحلال والفرد الحرام، وإن كان هذا الشكّ بدويّاً،